مقالة حول علاقة الدال والمدلول ، هل علاقة الدال والمدلول ضرورية أم اعتباطية جدلية
خاص بشعبتي آداب وفلسفة/آداب ولغات (الدال والمدلول)
هل علاقة الدال والمدلول ضرورية أم اعتباطية جدلية
في اللغة والفكر
العلاقة بين الدال والمدلول مقالة جدلية
مقالة الدال والمدلول جدلية آداب وفلسفة
العلاقة بين الدال والمدلول pdf
حجج شخصية عن الدال و المدلول
دافع عن الأطروحة القائلة أن العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية
العنصر :علاقة الألفاظ بالأشياء
#السؤال : هل علاقة الدال بالمدلول علاقة ضرورية أم تعسفية ؟
الإجابة هي كالتالي
1- مرحلة فهم الموضوع :
أ - التحليل الاصطلاحي : (ضبط المفاهيم )
- الدال وهو الصورة الصوتية
- المدلول هو التصور الذهني للشيء المعني
- -طبيعية:تقليد اصوات الطبيعة
- تعسفية : علاقة اعتباطية أو تعسفية .
ب - التحليل المنطقي : الموضوع ينحل إلى أطروحتين :
- علاقة الدال بالمدلول علاقة ضرورية .
- علاقة الدال بالمدلول تعسفية .
ج - ضبط المشكلة : هل الارتباط بين الدال والمدلول ضروري ذاتي ؟ أم تلقائي اصطلاحي ؟
د - ضبط طريقة المعالجة : جدلية
2 - مرحلة كتابة المقالة الفلسفية :
المقدمة : من الملاحظ أن الإنسان يتفاعل مع عالم الأشياء ويتواصل مع غيرها معتمدا في ذلك على اللغة واللغة في مستوى النمط التواصلي الصوتي ( الكلام ) ذات وجهين : الدال وهو الصورة الصوتية المسموعة التي تعني الشيء وتدل عليه ، والمدلول هو التصور الذهني للشيء المعني . وتعتبر علاقة الدال بالمدلول من بين المشكلات الفلسفية واللغوية القديمة التي أثارت جدلا واسعا بين الفلاسفة والمفكرين أدت إلى تضارب في مواقفهم وتباين في تصوراتهم حيال طبيعتها ، إذ يرى البعض منهم بأن العلاقة بين الألفاظ والأشياء علاقة طبيعية ضرورية في حين يذهب آخرون إلى أن العلاقة بين الألفاظ والأشياء هي علاقة طبيعية تحكمية ، وفي ظل هذا الجدل القائم يثار التساؤل التالي : هل الارتباط بين الدال والمدلول ضروري ذاتي ؟ أم تلقائي اصطلاحي ؟
العرض : ( محاولة حل المشكلة )
عرض منطق الأطروحة : يرى أنصار نظرية المحاكاة وفي مقدمتهم الفيلسوف اليوناني أفلاطون بأن العلاقة بين الدال والمدلول هي علاقة طبيعية ضرورية ، أي أن هناك تطابق بين الدال وما يدل عليه في العالم الخارجي ، وفي نظرهم أن الارتباط بين الدال والمدلول ارتباط ذاتي أي أن هناك تطابق بين الألفاظ والأشياء بصفة طبيعية وليست قائمة على التعسف والتلقائية .
ويستند أنصار هذا الاتجاه في تبرير موقفهم على الحجج التالية :
الحجة الأولى : إذ يؤكد أفلاطون بأن العلاقة بين الاسم والمسمى هي علاقة طبيعية مادية يحاكي فيها الإنسان ويقلد أصوات الطبيعة ودليله في ذلك أن هناك تطابق ضروري بين الاسم والشيء الذي يشيراليه إذ يكفي سماع الكلمة لمعرفة معناها ودلالتها فالملاحظة تكشف وجود تلازم بين الدال والمدلول فعندما نقول مواء القطط وزقزقة العصافير وخرير المياه وحفيف السنابل وهديل الحمام ونقيق الضفادع ...الخ نكشف أن هذه الأسماء لم توقع من تلقائية أو نتيجة الاختبار بل كانت بفعل المحاكاة والتقليد.
الحجة الثانية : هذا ويرى اللغوي المعاصر إميل بنيفيست أن العلامة اللسانية ( الدلالة اللغوية ) بنية واحدة يتحد فيها الدال بالمدلول وبدون هذا الاتحاد تفقد العلامة اللسانية هذه الخاصية لأن الدال هو الترجمة الصوتية للمفهوم والمدلول هو المقابل الذهني للدال وعلى هذا الأساس هناك تلازم بينهما والدليل على ذلك هو أنه كلما ذكر اللفظ الدال قام معناه في الذهن ( المدلول) وكلما تم المعنى في الذهن لازمه اللفظ الذي يدل عليه . ويرى بنيفيست من جهة أخرى بأن ذهن الإنسان لا يقبل الأصوات التي لا تحمل تمثلا أو شيئا يمكن معرفته وإدراكه فلو كان الأمر كذلك أي وجود أصوات لا تدل على شيء ولا تحمل مفهوما يمكن التعرف عليه تصير غريبة ومجهولة .
النقد : صحيح أن هناك حالات تحاكي فيها الكلمات أصوات الطبيعة غير أن هذه الحالات محدودة ولا تمثل العناصر الأساسية في النظام اللغوي ، فنظرية المحاكاة تخالف خاصية اللغة التي هي نسق من الرموز والإشارات لدلالة على معنى أو معاني وبالتالي فهي غير قادرة على أن تطلعنا على تصورات ومفاهيم ليس لها وجود حسي مثل : الحرية و الديمقراطية والعدالة ... كما أن ذلك يتعارض أيضا مع بعض الحقائق التي توصل إليها علماء اللغة ذلك أن اللغة أبدعها الإنسان وتواضع عليها للتعبير والتواصل والتفاهم وليس لمحاكاة الطبيعة فلو كانت الكلمات تحاكي الطبيعة فكيف يمكن تفسير تعدد اللغات من مجتمع إلى آخر مثل : الانجليزية ، الفرنسية ، الاسبانية ، الايطالية ،الألمانية ، العربية ...الخ وتعدد الألفاظ والمسميات لشيء واحد مثل : الأسد ، الليث ، أسامة ، السبع ، ضرغام ...الخ
عرض نقيض الأطروحة : على خلاف الموقف الأول يرى أنصار النظرية الاصطلاحية وفي مقدمتهم أرنست كاسير ، فرديناند دي سوسير ، ادوارد سابير ، وجان بياجي بأن العلاقة بين الدال والمدلول ليست علاقة طبيعية بل هي علاقة اعتباطية تحكمية ، فالدلالة اللغوية هي مجرد اصطلاح أي أن الارتباط بين الدال والمدلول ارتباط تلقائي عفوي ناتج عن الاتفاق والتواضع الذي أقره الاستعمال .
ويستند أنصار هذا الاتجاه في تبرير موقفهم على الحجج التالية :
الحجة الأولى : إن العلامة اللسانية لا توجد بين اسم وشيء بل بين مفهوم وصورة سمعية لذلك فالعلة القائمة بينهما ( الدال والمدلول ) قائمة على التواضع الذي أقره الاستعمال حيث يقول أرنست كاسير: " إن الأسماء الواردة في الكلام الإنساني لم تضع لتشير إلى أشياء مادية بل على كيانات مستقلة بذاتها " بمعنى أنها وضعت لتدل على معان مجردة وأفكار كلية لا وجود لها في الواقع ، فاللغة برموزها واتساقها نشأت بواسطة التواضع والاتفاق بين أفراد المجتمع الواحد من أجل غاية التواصل والتفاهم ، وبالتالي فالإشارات والرموز والكلمات والأصوات لا تحمل معنى من المعاني إلا ما يصطلح عليه هذا المجتمع أو ذاك. ومن الأدلة التي يقدمها دي سوسير في هذا الصدد هو أن فكرة أخت وهو المدلول يعبر عنها بتتابع سلسلة أصوات ( أ ، خ ، ت ) وهذا هو الدال ، إذ أن هذه السلسلة لا توجد بينها وبيت فكرة أخت أي علاقة طبيعية فلا توجد ضرورة عقلية أوتجريبية فرضت على اللغة العربية مثلا التعبير عن هذا المعنى بهذه الأصوات بل وضعت بطريقة اعتباطية إذ يمكن الإشارة إلى فكرة أخت بسلسلة أخرى من الأصوات شريطة الاتفاق عليها لذلك لا توجد ضرورة بينهما بل تم اقتراحهما دون مبرر وهذا ما يسمى بالتواضعية الاعتباطية أو التحكمية .
الحجة الثانية : تتمثل في أن نفس المعنى ( فكرة الأخت ) يعبر عنه في لغات أخرى بتتابع أصوات أخرى فمثلا في الفرنسية نقول ( سور ) وفي الانجليزية نقول ( سيستر ) فلو كانت العلاقة ضرورية لما تباينت الأصوات بل لما تعددت اللغات بين المجتمعات وما يؤكد هذا أكثر هو ان الدال الواحد يدل على مدلولات عدة فاسم زهرة يدل على كوكب ، بنت ، مجلة وفي المقابل فان المدلول الواحد يعبر عن أكثر من دال ففكرة الأسد قد يعبر عنها باسم ليث أو السبع فاختلاف الأسماء للمسميات وتعدد اللغة يبرر الأساس الاصطلاحي في النظام اللغوي ، حيث يقول جان بيا جي في هذا الصدد : "ان تعدد اللغات نفسه يؤكد بديهيا الميزة الاصطلاحية للإشارة اللفظية "
النقد : ان الاعتباطية لا تعني أن الفرد له حرية في وضع العلامات و استعمالها حسب هواه بل يجب عليه أن يتقيد بالاستعمال الجماعي ( ما هو متفق عليه في المجتمع ) وإلا انعدم التواصل والتفاهم بين الناس وتفقد اللغة وظيفتها فمثلا لا يمكن للفرد أن يشير مثلا إلى فكرة ( الأخت ) بأصوات أخرى من وضعه دون أن يكون متفق عليها داخل المجتمع وفي حدود ما يسمح به اللسان .
التركيب : ان العلاقة بين الدال والمدلول تكون أحيانا ضرورية وأحبانا أخرى غير ضرورية وذلك لأن علماء اللغة في العصر الحديث أكدوا بأن بعض الأشياء ( المسميات ) تقتضي الارتباط الضروري بالألفاظ الموضوعة لها ، كما أن هناك عدة أشياء لها عدة مسميات وألفاظ داخل اللغة الواحدة مثال ذلك في العربية كلمة أسد، ليث ...وهذا ما يؤكد العلاقة غير الضرورية بينهما إلا أن الرأي الصحيح هو الذي يؤكد العلاقة الاعتباطية الموجودة بين الدال والمدلول بدليل اختلاف فهمنا لمعنى كلمة أو عبارة باختلاف المواقف التي يتعرض لها الإنسان وباختلاف المجتمعات لذلك يقول دي سوسير : " ان الرابطة الجامعة بين الدال والمدلول رابطة تحكمية "
الخاتمة (حل المشكلة ) : إذن نستنتج بأن العلاقة بين الدال والمدلول ليست ضرورية دائما لأنه أحيانا قد يكون هناك ارتباط بين الألفاظ والأشياء وبالتالي بين الأسماء والمسميات وبذلك تكون منطلقاتها طبيعية أو اعتباطية فإنها حتما تصبح ضرورية مستقبلا