0 تصويتات
في تصنيف منهجية دراسة اداب وفلسفة بكالوريا بواسطة

مقالة حول الاحكام المسبقة علوم تجريبية ورياضيات ولغات 2022 2023 هل الأحكام المسبقة تعيق البحث العلمي

مقالة الأحكام المسبقة (علوم تجريبية-رياضيات-لغات)    هل الأحكام المسبقة تعيق البحث العلمي

أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع التعليمي والمتفوق بمعلوماته الصحيحة يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم في صفحتنا هذه مقالة فلسفية حول  الأحكام المسبقة وهي تحليل نص السؤال الفلسفي القائل، هل الأحكام المسبقة تعيق البحث العلمي

وهي على النحو التالي 

مقالة الأحكام المسبقة (علوم تجريبية-رياضيات-لغات)    

 *هل الأحكام المسبقة تعيق البحث العلمي؟ 

 *هل الأحكام المسبقة تشكل عائقا لانطباق الفكر مع الواقع أم أنها سند له وحافز إليه؟

*هل الأحكام المسبقة ضرورية في البحث العلمي؟

طرح المشكلة: مقدمة إن العقل البشري، بما جُبِل ( فطر) عليه من تماسُكٍ في مبادئه ونظامٍ دقيقٍ في أحكامه، في مجال تطابق الفكر مع نفسه ؛ ليس منطويا على ذاته فقط و منغلقا عليها ، بل هو متّجه باستمرار إلى معرفة الواقع وما ينطوي عليه من ظواهر وأشياء. حيث يشكل الواقع الحسي بكل ما يحمله من حقائق جزئية بعدية مصدرا وحيدا للمعرفة لدى رواد المذهب التجريبي متخذين الاستقراء (انطباق الفكر مع الواقع) سبيلا أوحد للدراسة العلمية و تقصي الحقائق، غير الفلاسفة والمفكرين لم يتفقوا حول موضوع الأحكام المسبقة ودورها وعلاقتها بالبحث العلمي والدراسة التجريبية. ونتج عن ذلك موقفان متعارضان أحدهما يفترض أن يحصل انطباق للفكر مع الواقع دون الأخذ بسوابق الأحكام، وعلى النقيض يؤكد آخرون على ضرورة الأخذ بالأحكام المسبقة. لأن البحث العلمي لا يقوم من فراغ. من هنا ورفعا للتعارض بين الموقفين حق لنا أن نتساءل: هل تشكل الأحكام المسبقة عائقا أمام انطباق الفكر مع الواقع؟ أم أنها تشكل سندا له وحافزا إليه؟

وبعبارة أخرى: هل يمكن للفكر أن ينطبق مع الواقع دون الحاجة إلى أحكام مسبقة؟ 

محاولة حل المشكلة: 

يرى عدد من المفكرين والفلاسفة والعلماء أنه يفترض أن يحصل انطباق للفكر مع الواقع دون الأخذ بسوابق الأحكام. والتي تعرف بأنها جملة الآراء والتصورات التي يكوِّنها العقل حول الأشياء والحوادث على نحوٍ أوّلي (أو قبلي (دون سندٍ من الخبرة والوقائع التجريبية التي تشكِّلها من الناحية الموضوعية ؛ وهي آراء وتصورات معرضة أحياناً ، للتواتر والانتقال من جيلٍ إلى آخر، بفعل توارث الثقافات والمعتقدات. ومن مصادرها الأساسية يمكن أن نذكر: التفسير الميتافيزيقي، والغيبي، والعرف السائد، والانطباع والقناعات الشخصية . وهي اعتقادات راسخة في الذهن ينظر الإنسان من خلالها و يسقطها على ما يجري في محيطه، من وقائع وحوادث . كتفسير الظواهر بعلل غيبية أو خرافية. فالأحكام المسبقة أحكام تنشأ في الذهن بصورة تلقائية من خلال التنشئة الاجتماعية وتتراكم نتيجة الخبرات التي يكتسبها كلّ فرد من اتصاله بعالم الأشياء والظواهر. 

لذلك كله يتَّفق العديد من الفلاسفة والعلماء على القول بأن سوابق الأحكام، بالمعنى الذي رأيناه، من شأنها أن تهدد مسار منهج البحث العلمي بالانحراف عن مقاصده، بل وبتقويضه وإجهاضه قبل تطبيقه. والسبب في ذلك يعود إلى دورها السلبي في بناء المعرفة من حيث هي عوائق ابستمولوجية (معرفية) كما أنها تُعتبر في الغالب مطيةً للوقوع في الذاتية ( و هذا مخالف للروح العلمية) فالباحث إذا كان مدفوعا بطبيعته البشرية، قد يسارع إلى إصدار أحكام لا تبررها مقدمات ولا وقائع، ويتجه إلى التصديق و الاعتقاد بأفكارٍ لمجرد أنها تصادف في نفسه هوىً ، أو تحقّق له مصلحة، أو لكونها فقط، صادرةً عن تقديس المأثور عن السلف ؛ فينتهي به المطاف إلى الاعتقاد بأوهام زائفة، تحُول بينه وبين ملاحظة الظاهرة على نحوٍ موضوعي وحقيقي. وقد وجد" بيكون " أن هذا النمط من التفكير الذي كان سائداً في القرون الوسطى، لا يصلح أن يعد منطلقاً للعلماء في الكشف عن قوانين الطبيعة، لأن مقدماته تنطوي على أفكار عامة وشائعة تُقبل دون تمحيصٍ ونقد، كالاعتقاد بأن الطبيعة تخشى الفراغ وبذلك يفسرون صعود المياه في الأنابيب وتفسير الأمراض بإرجاعها إلى أسباب غيبية ومعالجتها بطرق سحرية ...، لكن بعد استعمال هذا النقد في العلم التجريبي للعصر الحديث، صار لزاماً على الباحث تجنُّبُ الأقيسة الكاذبة والاستدلالات الفاسدة، والمصادرات الخاطئة واعتبار ذلك من سوابق الأحكام الضارة . فلقد آمن قدماء المصريين بان سبب فيضان نهر النيل هو غضب الآلهة واعتقد اليونانيون القدماء أن سبب سقوط الأمطار هو بكاء الآلهة، وكان لهذه المعتقدات الميتافيزيقية أثرا سلبيا على مجرد التفكير في نقدها أو رفضها، أما الفكر الأوروبي في العصور الوسطى فلم يكن أفضل حالا، إذ تبنت الكنيسة فكرة مركزية الأرض وثباتها وأضفت عليها صبغة دينية مقدسة، لما حاول "غاليلي" إثبات بطلان إدعائهم بالتدليل على صحة سلفه "كوبرنيك" الذي احرق دفاعا عن أفكاره العلمية واجه مصيرا مشابها وخير بين التنازل عن آرائه أو الموت. كما ألح "فرانسيس بيكون" على اعتبار الأحكام المسبقة أوهاما تحول بين العالم والملاحظة المشكلة، حين رفض الفكر العلمي ذو الصبغة اللاهوتية، ودعا مقابل ذلك إلى اعتماد الشك المنهجي والنقد البناء ضد ما سماه "أوهام المسرح"، أما "زكي نجيب محمود" فقد أثار الشك حول النتائج ذاتها في كتابه "خرافة الميتافيزيقا"، وفي كتابه "نحو فلسفة علمية" رفض كل الحقائق المبنية على الأحكام المسبقة حيث يقول: "والعلوم الطبيعية كلها قائمة على الترجيح لا اليقين لأن اليقين لا يكون إلا في القضايا التكرارية التي لا تقول شيئا جديدا كقضايا الرياضة". وعليه يمكن القول أن المنهج التجريبي، بِنَبذه لسوابق الأحكام لِما رأيناه من خطرها، إنما ينشُد ضمان أكبر قدرٍ من الموضوعية لمباحثه؛ لذلك اشترط في الباحث أن يقبِل على ملاحظة الظاهرة وهو متجردٌ تماماً من أحكامه المسبقة لكي لا يشوه تفسيره لهذه الظاهرة. وبالتالي فأساس البحث العلمي هو عدم الأخذ بالأحكام المسبقة لأنها تقوض وتجهض أي مجهود علمي وبعبارة أخرى فإنها تكرس الذاتية، فيصبح بذلك البحث بعيدا عن الموضوعية.

النقد: لئن كنا لا ننكر ما للأحكام المسبقة من أثر سلبي في إعاقة انطباق الفكر مع الواقع استنادا إلى ما تحويه من تفسيرات غير مبرهنة حول الظواهر المختلفة باسم الحتمية النفسية تارة وتأثير حتمية الفكر الاجتماعي تارة أخرى، إلا أننا نقر من جهة أخرى أن الحكم المطلق على بطلانها أمر مبالغ فيه وأن الأحكام المنطقية الصحيحة غالبا ما تكون سندا للباحث المجرب. كما أن الأحكام المسبقة ليست كلها عائقا معرفيا، وان العقل لا يمكنه الانطلاق من عدم، بل يحتاج إلى مقدمات يسلم بها لبناء معارفه، ومن جهة أخرى وجب أن نعلم أن هناك فرقا بين مفهوم الأحكام المسبقة ومبادئ العقل الأساسية التي تؤطر المعرفة عقلية كانت آو تجريبية.

     لذلك وفي المقابل يرى عدد آخر من المفكرين والفلاسفة والعلماء ضرورة الأخذ بالأحكام المسبقة. لأن البحث العلمي لا يقوم من فراغ لذا يجب الإيمان بمبادئ وأحكام ضرورية تسبق التجربة. ذلك ما يثبته تاريخ العلم في تطوره إذ يشكل حلقات متصلة يكمل بعضها كما أكد "أوغيست كونت". وانطباق الفكر مع الواقع بناء على ذلك يجب عليه الأخذ بأحكام مسبقة لبناء نسق معرفي صحيح، تلك المبادئ التي أقرها "أرسطو" ووصفت بأنها دليل العقل في البحث عن الحقيقة صورية كانت أم مادية، وأهمها مبدأ السببية الذي يعني أن لكل ظاهرة سبب يحدثها ولا ظاهرة دون علة كالعلاقة بين الحرارة والتبخر، والاعتقاد بهذا المبدأ يشكل حافزا لدى العلماء للبحث عن أسباب الظواهر القرينة وتحديد العلاقة بينهما، ثم صياغتها صياغة رياضية في شكل قوانين ثابتة. يقول عبد الرحمن بدوي: "في سلسلة الأحداث وجود ظاهرة لا بد من أن يعني وجود ظاهرة أخرى"، وكذا مبدأ اطراد الظواهر وهو في جوهره افتراض تقدم به العلماء لرصد الوقائع بناء على الاعتقاد الجازم بالاتصال والتشابه بين الظواهر الطبيعية ما يجعل تكرارها في ظروف مشابهة أمر وارد الحدوث، يقول جون ستيوارت مل: "الاطراد مبدأ كان لا بد من اتخاذه مقدمة نهائية ترتد إليها كل العمليات الاستقرائية"، إضافة إلى مبدأ الحتمية الذي يفيد أن توفر نفس الأسباب يؤدي دوما وحتما إلى نفس النتائج ويترتب عن ذلك استبعاد الصدفة من العلم يقول "بوانكاري": "العلم حتمي بالبداهة"، والاعتقاد الصارم بهذا المبدأ مكن العلماء من التنبؤ بالظواهر قبل حدوثها عن طريق معرفة أسبابها الفاعلة ما أدى إلى التطور العلمي، وفي ذلك يقول "لابلاص": "يجب أن ننظر إلى الحالة الحاضرة للكون على أنها معلولة لحالته السابقة وعلة لحالته اللاحقة".وهكذا، يتبيّن لنا أن انطباق الفكر مع الواقع من خلال الاستقراء والمنهج التجريبي المطبق في العلم لا يستغني عن الاحتكام و الاستناد إلى طائفةٍ من المبادئ، تنشأ عن قوانينه المنطقية الخاصة وعن خبرته المتحصلة بالإدراك الحسي؛ فتتضافر هذه المبادئ لتشكِّل الإطار والمرجع الذي يمكّن الباحثين من التقدم في أبحاثهم، ودونها لا يستقيم لهم ذلك ولا يمكن للعلم أن يتقدم خطوة في دراسته للظواهر الطبيعية .كما أن كل معرفة سابقة فهي حكم مسبق للمعرفة الجديدة، وبالتالي فالمعرفة لا تقوم لها قائمة إلى متى انسجمت مع هذه الأوليات (مبدأ السببية، الحتمية، مبدأ اطراد الظواهر). مما يعني حاجة المنطق المادي الاستقرائي إلى المفاهيم (المنطق الصوري).

النقد: صحيح ما ذهب إليه أنصار هذا الاتجاه غير أن المشكلة الأساسية التي تطرح مرارا لدى العلماء التجريبيين لا تتعلق بأثر المبادئ العقلية على اختلافها في التطور العلمي، بقدر ما تتعلق بحقيقة هذه الأحكام ومصدرها، إذ ينظرون إليها على أنها وليدة التجربة لا العقل وعليه فلا وجود لمبادئ عقلية قبلية بل أن كل ما يحويه العقل من أحكام مصدرها التجربة وهي في عمومها خاضعة للتعديل والضبط. كما أن التتابع بين الظواهر يظل فكرة في العقل لا في الأشياء فالسببية فكرة ميتافيزيقية. ومن جهة أخرى بينت الاكتشافات العلمية والبحوث المعاصرة أن فكرة السببية والحتمية أصبحتا لا تتلاءمان مع الفيزياء المعاصرة التي دخلت عالم الذرة والذي يحكمه مبدأ اللاحتمية. وبالتالي أيا كانت أهمية هذه المبادئ، فإنه لا يمكن أخذها على أساس أنها مقولات مطلقة فلقد تغير مفهوم السببية من أرسطو إلى بيكون ومبدأ الحتمية إلى اللاحتمية. دون أن ننسى أن سبب تخلف البشرية في القرون السابقة هو اعتمادهم على الكثير من الأحكام المسبقة والأفكار الجاهزة التي أسرت فكرهم وقيدته.

التركيب: نتيجة للانتقادات الموجهة لكلا الاتجاهين يمكننا القول أن انطباق الفكر مع الواقع من خلال الاستقراء والمنهج التجريبي وإن تحرى الموضوعية ونبذ الأحكام المسبقة، فإنه لا يستغني حتما عن الاحتكام إلى طائفة من المبادئ التي تنشأ عن قوانينه المنطقية الخاصة وعن خبرته المحصلة بالإدراك الحسي أين تتخذ هذه المبادئ لتشكل الإطار الذي يمكن الباحثين من التقدم في أبحاثهم التي لا يمكن أن تستقيم إلا بها، يقول توفيق الطويل:"إن البحث العلمي يبدأ بوضع فروض تستند إلى تعميمات تجريبية سابقة آو قوانين مسلم بها ثم يستنبط الباحث من هذه الفروض نتائج...". وبالتالي يجب التمييز بين الأحكام المسبقة التي هي عوائق يجب تخطيها، وتلك التي هي مبادئ عقلية يجب الأخذ بها بعد تهذيبها. مما يعني وجوب الحذر في التعامل مع الأحكام المسبقة والأخذ بما يناسب البحث العلمي.(مع إبراز الرأي الشخصي وتبريره).

 الخاتمة 

   ختاما ومما سبق يتضح لنا من التحليل السابق أن الأحكام المسبقة تساعد على حصول انطباق الفكر مع الواقع، طالما أنها مبادئ عقلية صادقة، وأيا كانت نتيجة الجدل حول طبيعة هذه المبادئ وردها الأول عقلا أم تجربة فإن التأكيد على أهميتها في البحث العلمي أمر بالغ الأهمية، على أننا نرفض الأحكام المسبقة التي تأخذ صبغة الأوهام والخرافة لكونها معيقة بشهادة تاريخ العلم ذاته.وعليه يمكن القول أن هناك تناسقا وانسجاما بين مبادئ العلم و نتائجه. فلولا الاعتقاد بأن هناك أسبابا تتحكم في حدوث الظواهر لما تمكنّ العلماء من الكشف عن عللها ( أي الافتراض أولا )؛ ولولا الاعتقاد بمبدأ الحتمية و الاطراد لما تمكنّ العلماء أيضا من تعميم نتيجة أبحاثهم و صياغتها في علاقات عامة نسميها بالقوانين العلمية؛ و لما تمكنّ العلماء كذلك من توقع حدوث الظواهر في المستقبل بنفس الشكل الذي حدثت به في الماضي و الحاضر والسيطرة على الطبيعة، وأن انطباق الفكر مع الواقع تحكمه جملة من المبادئ و الأحكام المسبقة الضرورية له....

                                  

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (749ألف نقاط)
مختارة بواسطة
 
أفضل إجابة
مقالة حول علاقة الإحساس والادراك والإدراك أسئلة حول علاقة الإحساس والادراك هل العلاقة بين الإحساس والإدراك

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى الحل المفيد، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...