0 تصويتات
في تصنيف منهجية دراسة اداب وفلسفة بكالوريا بواسطة

ملخص تحضير درس فلسفة العلوم التجريبية  بحث حول فلسفة العلوم التجريبية

موقع الحل المفيد يقدم لكم 

تحضير فلسفة العلوم التجريبية

الإجابة هي 

فلسفة العلوم التجريبية

  طرح المشكلة

إذا لم يتم استخدام المنهج التجريبي استخداما صارما في دراسة المادة الجامدة ، فهل يرتجى الحصول على نتائج دقيقة ؟ وهل يمكن تطبيقه بنفس الصرامة في دراسة المادة الحية ؟ ما مدى تطبيق المنهج التجريبي في علوم المادة الجامدة ؟ وهل يمكن تطبيقه على المادة الحية ؟ 

I ـ التجربة هي مقياس العلم

أولا : استقلال العلم عن الفلسفة 

لم يظهر العلم إلا عندما اهتدى الباحثون إلى استخدام التجربة في مفهومها المنهجي، ولم يتأت لهم ذلك إلا بعد أن اتضحت لديهم خطوط الانفصال بين الفلسفة والعلم . وتحقق لهم هذا الانفصال يوم أعرضوا عن طرح المسائل الميتافيزيقية واهتموا بدراسة الظواهر التي تقع تحت المشاهدة دراسة موضوعية . وهو الأمر الذي اقتضى منهم تبني المنهج التجريبي .

ثانيا : المنهج التجريبي وخطواته

المنهج التجريبي هو المنهج الذي يتعامل مع الحوادث الطبيعية المادية بغرض تفسيرها عن طريق الملاحظة والفرض والتجربة . 

1 : الملاحظة 

هي المشاهدة الحسية للظواهر الطبيعية وهي نوعان: 

أ ـ الملاحظة العادية 

 يمارسها الإنسان في حياته اليومية ، وتتحكم فيها المصادفة وتكون غير منظمة وعفوية توجهها المنفعة وتعتمد على الحواس.  

ب ـ الملاحظة العلمية

  هي المشاهدة الدقيقة لظاهرة من الظواهر لأجل تفسيرها أو هي توجيه الفكر إلى ظاهرة ما توجيها منظما هدفه التفسير والكشف عما هو جديد في الظاهرة ، فهي تتجاوز الملاحظة العادية إلى الملاحظة الإشكالية أي تثير إشكال ما يقول أندري فيرجيس : " نقطة الانطلاق بالنسبة إلى البحث إذن ليست الحادثة الحسية في حد ذاتها وإنما هي المشكل الذي تطرحه الحادثة " والملاحظة العلمية نوعان .

1 ـ ملاحظة علمية بسيطة 

يعتمد فيها الباحث على حواسه المجردة . لكن الحواس قاصرة على الإلمام بكل صغيرة وكبيرة يقول كلود برنار Claude Bernard (1813 ـ 1878) عالم فيزيولوجي فرنسي اشتهر بعرض المبادئ العامة التي قادت خطاه في أبحاثه العلمية في كتابه " المدخل لدراسة الطب التجريبي" يقول : " لا يستطيع الإنسان أن يلاحظ الظواهر المحيطة به إلا في حدود ضيقة جدا لان القسم الأعظم منها خارج نطاق حسه " ولهذا كان الباحث في حاجة إلى ملاحظة أكثر نجاعة . 

2 ـ ملاحظة علمية مركبة 

 يوظف فيها الآلات والأجهزة لتعويض نقص الحواس يقول كلود برنار : "فلا يقنع ـ الباحث ـ إذن بالملاحظة البسيطة بل يوسع مدى معرفته ويزيد قوة أعضائه الحسية بالآلات الخاصة ، كما يجهز نفسه بأدوات مختلفة تساعده على النفوذ إلى داخل الأجسام لتقسيمها ودراسة أجزائها الخفية "

هذا وقد توصف الملاحظة بالكيفية إذا اقتصر صاحبها على مجرد الوصف الكيفي ، أما إذا اعتمد على القياس وصياغتها في عبارات رياضية فهي ملاحظة كمية " وهذه الأنواع من الملاحظات قابلة للتداخل.

شروط الملاحظة العلمية 

 أن تكون موضوعية ، غرضها البحث العلمي وان لا تهمل أي من عناصر الظاهرة وان يتحرى الدقة ويسجل كل ما يتوصل إليه . يقول كلود برنار : " يجب على العالم أن يكون مصورا مبينا للحوادث التي يلاحظها دون فكرة مسبقة كما يجب عليه أن يجعل عقله قابلا للحوادث لا فاعلا فيها ، يصغي إلى الطبيعة ويكتب ما تمليه عليه " 

2 ـ الفرضية 

الفرض هو تلك التكهنات التي يضعها الباحث لتفسير الظواهر الطبيعية وهدفه الوصول إلى القانون المتحكم فيها ، انه حل مؤقت يقول عنه كلود برنار : " ليس لدينا قاعدة لتوليد فكرة صحيحة في ذهن العالم " ومع هذا يمكن الحديث عن شروط عامة لوضعه تتفرع إلى عوامل داخلية وأخرى خارجية . 

1 ـ العوامل الخارجية 

وتتمثل في الحاجة العملية ، بمعنى ضرورة إيجاد حلول لمشاكل يعاني منها المجتمع ، وقد تكون صحية مثلا ، ثم أن الإيمان بنسبية الحقيقة العلمية يدفع إلى وضع فروض علها تكشف عن صورة مختلفة لهذه الحقيقة أو تلك ، إلا أن هذه العوامل حسب الدكتور " عبد الرحمن بدوي " تبقى غير كافية ، يقول : " العوامل الخارجية لوضع الفروض ...ليست إلا مجرد فرص ومناسبات لوضع الفرض ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون كافية للافتراض " 

2 ـ العوامل الداخلية 

تخص الباحث نفسه ، الطامح إلى تفسير الظواهر الطبيعية ، طموح معزز بالاطلاع الواسع والتفرغ للبحث العلمي ، وفضلا عن هذا لابد أن يتمتع بخيال علمي خصب ، هذه الجوانب قد تكون هي المقصودة بقول " كلود برنار " :" القواعد التي نستطيع أن نضعها هي تلك المتصلة بما يتلو وضع الفرض ، أما قبل وضع الفرض ، فالأمر يتعلق بشيء ذاتي ، بعاطفة تلقائية " 

شروط الفرض 

ينبغي أن يستند إلى الواقع ويبدأ منه ويخلو من التناقض ويكون منسجما مع الحقائق العلمية ، وان يكون واضح الصياغة ، قابل للتحقق منه ومحتمل ويجب الاقتصار على اقل عدد منه . يقول لابلاس "يمكننا أن نزيد في احتمل نظرية من النظريات بإنقاص عدد الفرضيات التي تتضمنها أو بزيادة عدد الحوادث التي توضحها " مثال ذلك أنه في سنة 1844 لاحظ الطبيب المجري " اجناز سيمولويز" في مستشفى فينا ، أن نسبة الوفيات بحمى النفاس بين النساء اللائي يضعن حملهن يتزايد في احد أقسام المستشفى فقدم عد افتراضات . منها 1 ـ الوباء يأتي من خارج المستشفى عن طريق الحوامل . 2 ـ سبب الوفاة قد يكون الازدحام داخل المستشفى . 3 ـ قد يعود السبب إلى سؤ التغذية . 4 ـ أو قد يرجع إلى الفحص الخشن الذي يقوم به طلبة الطب . إلا أن الواقع لم يؤيد كل من هذه الفرضيات . لكن وبالصدفة أصيب احد الأطباء في هذا المستشفى بجرح في أصبعه وتوفي على اثر ذلك وهنا أدرك " سيمولويز" أن سبب الوفيات يكمن في مباضع الجراحين الملوثة . 

3 ـ التجريب

هو إحداث ظاهرة وفق شروط يصطنعها العالم الباحث في ضوء فرض من الفروض للتأكد من صحته في ظروف خاصة تسمح بالملاحظة الواضحة فيعدل من هذه الظروف في المخبر ويغير ما يمكن تغييره ، كما يعزل هذه الظاهرة عن الظواهر الأخرى وبالتالي يفككها ، فإذا أراد التأكد من أن سقوط جسمين مختلفين في وقت واحد ، سيصلان في نفس الوقت ، عليه أن يعزلهما عن الهواء بواسطة أنبوبة نيوتن ـ يقول كلود برنار : " إن المجرب يوجه أسئلة إلى الطبيعة ولكن بمجرد أن تتكلم الطبيعة يجب أن يلزم الصمت وان يلاحظ ما تجيب عليه وان يسمعها حتى النهاية وان يخضع في جميع الحالات لما تمليه عليه " ويقول كوفييه : " أن الملاحظ يصغي إلى الطبيعة أما المجرب فيسألها ويرغمها على الجواب " . 

تبع في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
فلسفة العلوم التجريبية

أنواع التجريب

1 ـ التجريب الناقص

أو التجربة المرتجلة يلجأ إليها الباحث عندما لا يتوفر على أية فكرة مسبقة أو فرضية ممكنة ، ويُعتمد عليها أيضا عندما يكون في مرحلة التحسس والتكهن وغرضه معرفة الاتجاه الذي يمضي فيه .

2 ـ التجريب العلمي

وهي التجربة الحقيقية التي تتم في ضوء فرض علمي ، وهدفها التثبت من صحته والوصول إلى بعد ذلك إلى قانون أو نظرية .

التجربة بالمعنى الواسع

إن التجريب ، لا يحتل فقط، موقعا محوريا بالنسبة إلى خطوات المنهج في جملتها ، بل يكاد يكون هو كل هذه الخطوات ، إذ لا معنى للملاحظة العلمية في حد ذاتها ، ولا معنى للفرضية في حد ذاتها إن التجربة تستوعب نتائج الخطوتين الأوليين وتتهذب حسب تنوع ميادين البحث واتساعها .

وقد يستغني الباحث عن بعض خطوات المنهج التجريبي ويستبدلها بغيرها تماشيا مع طبيعة الموضوع الذي يدرسه وخصوصيات العلم الذي ينتمي إليه . فيتعين عليه اللجوء إلى الاستدلال مثلا عندما لا يتمكن من المشاهدة الحسية المباشرة كما هو الحال مع مركز الأرض لمعرفة هل هو صلب أو سائل أو غاز . ويستطيع أن يعرف ذلك عن طـريق الآثار التي تتركها هذه الظواهر . إلا أن الاستخلاص يكون بالتجريب في معناه الواسع .

وعلى هذا الأساس ، يمكن القول بأن مفهوم الملاحظة لا يبتعد اليوم ، عن مفهوم التجريب . وإذا وجدنا بعضهم يميز بينهما ، فذلك التمييز يبقى صالحا من الناحية النظرية أو لأغراض منهجية ، لأن الملاحظة تقوم هي الأخرى ، على نشاط العقل وقد تلعب دور التجريب ، ولأن التجريب في واقع أمره ليس سوى نوع آخر من الملاحظة . إن للملاحظ والمجرب فيما يرى " كلود برنار " هدفا واحدا مشتركا ، وهو إدراك الحوادث وضبطها بالوسائل العلمية الدقيقة . والفرق الوحيد بينهما هو أن المجرب لا يدرك الحوادث كما هي عليه في الطبيعة ، بل يدركها في شروط يهيئها هو نفسه لغرض علمي معين

 IIـ المنهج التجريبي ومسألة دقة النتائج

هل التجربة هي مقياس العلم؟

إن تنوع أصناف العلوم واختلاف طبيعة موضوعاتها ومقتضيات العمل الميـداني في دراستها ، كل ذلك من شأنه أن يؤثر على مدى تطبيق المنهج التجريبي ومدى مصـداقية نتائجه.  

نقد المنهج التجريبي

يعتمد على الاستقراء الناقص

إن التنبؤ الذي يطرحه العلماء لا يصيب دائما ، فمن المستحيل نظريا ، أن يتم تنبؤنا بالمستقبل على الوجه الأكمل ما دام المنهج العلمي يقوم على استقراءٍ غير شامل لجميع الظواهر . إن القانون العلمي يقوم على ملاحظة حسية ، تتناول ظاهرة جزئية ( أو مجموعة من الظواهر الجزئية) في زمانها ومكـانها ، ثم يسحبه ، على جميع ما يشبهها من ظواهر في الماضي والحاضر والمستقبل. ولهذا ألح فلاسفة العلوم على صفته الترجيحية والاحتمالية وأقروا أنه ليس يقينيا كما هو الحال في قوانين العلم الصورية من منطق ورياضيات . ويشهد الميدان على بعض القصور في التحكم في الظواهر ، كما وقع لرواد الفضاء عند نزولهم على سطح القمر إذ أخطئوا هدفهم ببضعة عشرات الأمتار ؛ وكما يقع أيضا لأهل رصد الأحوال الجوية حيث يجيء الغائب مخالفا لإرادتهم ولتنبؤاتهم .

ينطلق المنهج التجريبي من مبادئ غير مؤكدة

ومن جهة أخرى ، العلماء عندما يوظفون المنهج التجريبي ، ينطلقون من مقدمات غير مؤكدة ، مثل الإيمان بالسببية والحتمية، ثم يصلون إلى نتائج على هذا الأساس المشكوك فيه .

1 ـ السببية :

يعتقد " مل " أن بعض الظواهر تعقب وسوف تعقب دائما بعض الظواهر الأخرى. فالمتقدم الثابت يسمى علة أو سببا والثابت الذي يتلو يسمى نتيجة . والحق أنه ليس كل متقدم سببا . فالليل يسبق النهار ، ولا يعتقدن أحد أن الليل سبب حدوث النهار ، ولهذا عارض ديفيد هيوم السببية وفسرها بالتعود فقط . إننا نلاحظ احتراق الخشب إذا اقترب من النار ، لكن هذا لا يعني عند هيوم أن النار هي سبب الاحتراق و، إنما التعود هو الذي يقودنا إلى هذا الحكم .

إن البحث عن الظاهرة التي تسبق ظاهرة أخرى بصفة دائمة ، هو مطلب فلسفي وليس علمي ، فإذا قلنا بأن الحرارة تسبق تمدد المعادن ، فنحن هنا ، نربط بين الحرارة والتمدد بشكل سبب ومسبب لفائدةٍ عملية ، وهي الحصول على التمدد . أما العلم الحديث فإنه لا يريد معرفة أي الظواهر سابقٌ وأيها لاحق ، وإنما يهدف إلى القانون العلمي ، وهو تفسير حتمي للظواهر .

2 ـ الحتمية :

المنهج التجريبي مرتبط بالحتمية و هذه الأخيرة مرتبطة بانتظام الكون و الظواهر الذي يسمح بالتنبؤ ، لكن توصل العلماء في ميدان الميكروفيزياء ، إلى أنه يستحيل تعيين موقع إلكترون وسرعتِه معا تعيينا مضبوطا ومباشرا . وهذا ما أكده " هيزنبرغ " فعنده كلما دق قياس موقع الجسيم غيرت هذه الدقة كمية حركته بمعنى سرعته ، وكلما دق قياس كمية حركته التبس موقعه ، وهنا تصعب معرفة موقعه وسرعته في زمن لاحق . وهذا ما عرف بأزمة الحتمية في الفيزياء .

تغير عالم الأشياء المستمر :

إن الظواهر الطبيعية وحيدة وفريدة حتى وإن تشابهت . فهي تحدث مرة واحدة ، وتمضي بدون عودة . هذا ما ذهب إليه الفيلسوف " هرقليدس " فالصيرورة عنده هي جوهر الكون وحقيقته ، فلا شيء يدوم على حال معينة لحظتين متتابعتين ؛ وأن هذا البقاء الذي ننسبه للأشياء مع اختلاف في الطول والقصر باختلاف الأشياء نفسها ، خداع من الحواس لا يتفق مع الواقع ، كما يخيل إلينا ؛ إن الظل الناتج عن الشمس يبدو ثابت ، مع انه يتحرك باستمرار ، وهذا من شانه أن يربك المنهج التجريبي .

قصور أدوات الباحث المستعملة في التجربة :

 فد يعتري التجربة بعض الضعف ويكون مصدره الباحث نفسه ، خاصة إذا كان يفتقد للروح العلمية ، وقد يصدر هذا الضعف بسبب قدم الوسائل المستعملة في التجريب أو عدم صلاحيتها .

III ـ إمكانية استخدام المنهج التجريبي في المادة الحي

إن المنهج التجريبي الذي وضعه العلماء من أجل دراسة عالم الأشياء الجامدة واجه تطبيقُه في عالم الأشياء الحية عوائق جمة وعقبات معتبرة . ما هي هذه العوائق والعقبات ، وكيف يمكن اقتحامها ؟

عوائق تطبيق المنهج التجريبي في علوم المادة الحية

عرفت العلوم التجريبية تطورا ملحوظا خاصة ما تعلق منها بالمادة الجامدة ، إلا أن البحث في مجال المادة الحية لم يواكب هذا التطور الُمتسارع ، وظلت نتائجها بعيدة عن الدقة المطلوبة . هذا الوضع الذي أحاط بالبيولوجيا ، كان باعثا على التساؤل عن الأسباب التي تقف وراء ذلك ، وقد أرجعها البعض إلى طبيعة الظاهرة الحيوية نفسها التي تتفاعل مع المنهج التجريبي المعروف . وإذا صح هذا فهل يجب إقامة منهج آخر يتلاءم مع المادة الحية .  

خصائص المادة الحية

1 ـ التكاثر : حتى تحافظ على استمرار النوع .

2 ـ التعدي : لحفظ حياة الكائن الحي .

3 ـ النمو : بالتغذية عن طريق الهدم والبناء .

4 ـ التغير : ويكون نتيجة للنمو .

هذه الخصائص لا نعثر عليها في المادة الجامدة ، والتي يمكن التعامل معها حسب ما يقتضيه المنهج التجريبي ، لكن هذا الأخير تعترضه عدة عقبات عندما يشرع في دراسة المادة الحية سواء في مرحلة الملاحظة أو التجريب . وذلك لأن موضوع البيولوجيا كائن حي ، كل جزء فيه تابع للكل . يقول " كوفيي ": " إن سائر أجزاء الجسم الحي مرتبطة فيما بينها . فهي لا تستطيع الحركة إلا بقدر ما تتحرك كلها معا . والرغبة في فصل جزء من الكتلة معناها نقله إلى نظام الذوات الميِّتة ومعناها تبديل ماهيته تبـديلا تاما ".

ويمكن حصر عوائق التجريب على المادة الحية في صعوبة تكرار التجربة ، لان المادة الحية تتأقلم وتتكيف مع ظروف وشروط التجربة . واستحالة تركيب أجزاء الكائن الحي بعد تحليلها ، والاختلافات الفرية بين الحيوانات والاختلافات الفردية داخل النوع الواحد ، لا تسمح بتعميم النتائج ، لذاك يلاحظ انه لا تنجح عملية زرع الأنسجة في الأجسام الحية ، إلا إذا كانت منسجمة تماما مع جسم المتلقي . كما أن التغير الدائم للكائن الحي يشكل عائق أمام التجربة ، بالإضافة إلى العوائق القانونية والدينية والأخلاقية التي تحضر التجريب على المادة الحية ، وترفض تحويلها إلى حقل تجارب . ولهذا وجد بعض المفكرين في هذه العقبات مبررات كافية لمعارضة تطبيق المنهج التجريبي على الكائنات الحية . وأضافوا إلى ذلك ، عقبة أخرى تتمثل في العفوية الحرة التي تتمتع بها الكائنات الحية والتي تخضع لقوانين خاصة . إنهم يسلمون بأن هناك قوة حيوية تحرك سائر حوادث الحياة وتخضعها لنظامها الحر . وكأنها بمثابة قوة باطنية مستقلة تتحكم في أفعال هذه الحوادث وتعفيها من تأثير التغيرات الداخلية والخارجية .

تجاوز العوائق   

طبيعة المادة الحية المعقدة سبب غير مقنع لتأخر البيولوجيا ، فهي لا تختلف عن المادة الجامدة ، إنها عبارة عن ماء وأملاح معدنية وكلاهما يتكون من غازات وعناصر كيميائية ، بل يمكن النظر إلى الجسم الحي على أساس انه هو آلة فيزيائية كيميائية تتحكم فيه نفس القوانين التي تتحكم في الآلات . وبالتالي يمكن تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية. وقد دافع عن هذا الموقف " كلود برنار " فقال:" يمكننا في ظواهر الأجسام الحية على غرار ما يمكننا في ظواهر الأجسام الجامدة ، أن نتوصل إلى معرفة الشروط التي تدبر أمر الظواهر ، وتمكننا فيما بعد من السيطرة عليها " وفي نفس الإطار قال فرانسوا جاكوب :" من المحتمل إذن أن تكون الكائنات الحية لا تفلت من قوانين الفيزياء ، وإنما تتطلب قوانين فيزيائية جديدة ما تزال مجهولة ، لكنها متى اكتشفت ستكون جزءا لا يتجزأ من هذا العلم " وبفعل بدأ العلماء يتجاوزون العوائق التي تعترض تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ، بفضل التطور التكنولوجي الهائل ، الذي شمل وسائل الملاحظة وأدوات التجربة ، ولم يعد البيولوجي في حاجة إلى التشريح الذي كان يتم على الأموات وبالطبع لا يحقق النتائج المرجوة ، لأنه يتعامل في هذه الحالة مع المادة الجامدة ، ولم يعد في حاجة إلى تشريح الأحياء لأن ذلك يترتب عنه مخاطر تمس حياة الكائن الحي . أما العقبات الأخلاقية والقانونية والدينية فإنها أضحت متفهمة أكثر . كل هذا كان له الأثر الطيب في تقدم البيولوجيا .

  

حل المشكلة :

لقد برهن المنهج التجريبي على أنه المقياسُ المثالي لكل بحث يريد لنفسه أن يكون علميا . فهو المحك الذي يزن مصداقية العلوم ، وهو الأداة التي تساعد على غزو مناطق ما تزال مجهولة . إلا أن تطبيقه في المادة الحية عرف بعض العوائق ذلك لان البيولوجيا ليست علوما استنتاجيه ، إنها علوم تتعامل مع العالم المحسوس الذي يعرف تغيرا مستمرا . وهذا يفرض على البيولوجي إحداث بعض التهذيب في خطوات المنهج التجريبي ، بما يتلاءم مع طبيعة المادة الحية .

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى الحل المفيد، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...