تحليل نص روني ديكارت حول الرغبة والسعادة
خاص بالأولى باكالوريا
الرغبة و السعادة
تحليل نص روني ديكارت.
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid. ) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....الرغبة و السعادة تحليل نص روني ديكارت أولى ثانوي
الحل هو
الرغبة و السعادة
تحليل نص روني ديكارت
1-مستوى الفهم:
يتأطر مفهوم هذا النص في إطار موضوع الرغبة، ويعالج بشكل خاص علاقة الرغبة بالسعادة ،وقبل توضيح التصور الذي يعبر عنه النص حول هذا الإشكال نحدد في البداية دلالة مفهومي الرغبة والسعادة، باعتبارهما المفهومين المركزين في النص.
تشير الرغبة إلى الميل إلى الموضوع ما، واقعي أو متخيل، والذي يمثل امتلاكه من طرف الإنسان مصدر متعة ولذة .أما السعادة (le bonheur) في دلالتها اللغوية، فهي اسم لفعل سعد يسعد سعدا أو سعادة وهي معنى اليمن، ويعني الخير ،ويشير إلى معنيين مختلفين: معنى مادي محسوس يتمثل في الإرضاء ،ومعنى عقلي يتمثل في التدبير. وعلى المستوى الفلسفي تتحدد السعادة في كونها (حالة إرضاء تام يتسم بالقوة والثبات ،ويتميز عن اللذة للحظيتها وعن الفرحة لحركيتها) . بعد هذا التحديد لدلالة مفهومي الرغبة والسعادة نطرح الإشكال المؤطر للنص، والذي يمكن التعبير عنه في التساؤل التالي:
إذا كانت الرغبة هي الميل لموضوع نفتقر إليه، والذي يشكل امتلاكه مصدر متعتنا ،فهل يمكن القول إن امتلاك الإنسان لهذا الموضوع يعني تحقيقه للسعادة المطلوبة؟ بمعنى آخر، هل يشكل إرضاء الرغبة أساس السعادة المنشودة من طرف الإنسان أم أن تحقق هذه السعادة لا يمكن أن يتم إلا بقمع الرغبة؟
2-مستوى التحليل:
كجواب على هذا الإشكال يذهب صاحب النص إلى التأكيد على أنه بالرغم مما يوجد الإنسان من رغبات متعددة ومتناقضة في نفس الوقت، فإن هناك من الرغبات ما يولد لدى الإنسان إحساسا عظيما بما يبهج في هذه الحياة، وأعلى هذا الإحساس هو الحب . ولتوضيح هذه الفكرة تقدم النص بمجموعة من الأفكار شكلت البنية الحجاجية لموقفه، حيث ميز في البداية بين الرغبات مبينا تنوعها، ومقدما أمثلة تبرز تناقضها احيانا، فالرغبة في المعرفة (حب الاستطلاع) تختلف عن الرغبة في المجد أو الانتقام ،وأقوى هذه الرغبات هي تلك التي تولدها البهجة (la joie)، ثم أضاف أن البهجة ليست واحدة ،بل متنوعة وتختلف من حيث درجة القوة، فجمال الأزهار مثلا يحثنا على النظر إليها عكس جمال الفاكهة الذي يدعونا الى أكلها، غير أن الابتهاج الرئيسي، في نظر صاحب النص ،هو الذي يأتي من شخص (لا من شيء) نرى فيه كمالات نفتقدها فنشعر بالميل اليه معتقدين أنه ذاتنا الأخرى ،التي بامتلاكنا لها نكون قد امتلكنا الخير الأعظم. إن هذه الرغبة المتولدة فينا بفعل الابتهاج ما في واقع الأمر إلى عاطفة الحب .
نخلص إذا، من خلال تحليل هذا النص،الى أن الرغبة المتولدة عن الابتهاج (الحب) يمكن أن تبعث السعادة في النفوس، وبذلك تكون العلاقة بين الرغبة والسعادة هي علاقة وحدة وتلاؤم لكن هل يمكن أن نقبل بهذا التصور كحل لإشكالية العلاقة بين الرغبة والسعادة؟ بمعنى آخر، ألا يمكن أن تكون الرغبة مصدر ندم وحسرة وتعاسة عوض أن تكون مصدر السعادة والبهجة؟
2-مستوى المناقشة:
قد تبدو فلسفة ديكارت العقلانية بعيدة عن كل ما يرتبط بالجسد ورغباته وانفعالاته وهو فيلسوف "الكوجيطو" (أنا أفكر إذا أن موجود) ،والذي أكد اكثر من مرة أنه يمكن أن يوجد بفكره ولو لم يكن الجسد موجودا، إلا أن استدعاءه لملاحظة ومحاولة مساعدة الأميرة إليزابيت Elisabith التي كانت تعاني اضطرابات نفسية، جعلته يكتشف في جانبا آخر من أعماق النفس الإنسانية (الانفعالات والاضطرابات) مصدر إلهام فلسفي جديد، وقد ساعدته الأميرة من خلال ما تسرد في صدق من أحزانها وآلامها، فوجد في دراسة أحوالها النفسية وما يلزمها من علاج يبعث في نفسها الامل ويؤدي إلى إسعادها .ولاحظ ديكارت أنه يصعب تحرر الإنسان من الانفعال السيئ، ولا يكون ذلك إلا بواسطة قوة النفس الأصلية التي لها لغتها وعلامتها الانفعالية إنها البهجة والأمل ، إلا أن هذا التصور لم يرق إلى مستوى التصور المادي الذي اشتهر به الفيلسوف اليوناني أبيقور الذي أكد أن المتعة أو اللذة التي نجنيها من الرغبة هي بداية الحياة السعيدة، وهي المرجع الذي نلجأ إليه كلما أخذنا الإحساس الحاصل لنا كمقياس. ولما كانت اللذة هي الخبر الرئيسي والطبيعي، فإننا لا نبحث عن أي لذة كيفما كانت، بل نتنازل أحيانا عن ملذات كثيرة نظرا لما تخلفه من إزعاج ،كما أننا نفضل آلام شديدة إذا كانت تسمح لنا بعد مكابدتها بالفوز بلذة أعظم ،غير أن هذا التصور المادي لم يلق القبول من الفيلسوف العربي أحمد ابن مسكويه الذي أكد رفضه للتصور الذي يحصر السعادة في اللذة البدنية ،وهذا الموقف في نظره هو موقف الجمهور من العامة الرعاع والجهال... لأنهم جعلوا النفس الشريفة عبدا وأجيرا لدى النفس الدنيئة تستعملها لخدمة شهواتها، في مقابل ذلك يشرف ابن مسكويه اللذة العقلية ويعلي من شأنها حيث جعلها خيرا على الإطلاق، فهي لذة تامة وشريفة لا تمل، يختص بها الإنسان وحده، وهو القول الذي ذهب إلى تأكيده أيضا ابونصر الفارابي الذي فضل في (كتابه تحصيل السعادة) اللذة العقلية، لأننا نطلبها لذاتها كغاية ونؤثرها لذاتها لا لشيء آخر غيرها، فهي مكتفية بنفسها وكمال لصاحبها.
3-مستوى الاستنتاج:
نستنتج من خلال تحليل ومناقشة موقف النص من علاقة الرغبة بالسعادة، أن الرغبة لها أهميتها في تاسيس السعادة، لكنها غير كافية في رسم دلالة السعادة بمعناها الفلسفي (كحالة... للذات تتسم بالقوة والثبات، وتتميز عن اللذة للحظيتها، وعن الفرحة بحركيتها) وذلك أن تحقيق السعادة المنشودة من طرف الإنسان لا يقف عند حدود تلبية جميع رغبات الجسد، كما أن الإنسان ليس مجرد كائن بيولوجي، بل هو أيضا كائن متعدد الأبعاد، لذى يجب النظر اليه في هذه الأبعاد المتداخلة والمتكاملة فيما بينها، الجسمية منها والنفسية والعقلية والثقافية. فهو إذا جسم وروح وعقل، وفرد داخل المجتمع له خصوصيته الثقافية، وكل إهمال لجانب من هذه الجوانب الشكلية للشخصية يمكن أن يفضي إلى تصور ناقص عن السعادة.