تحليل النص النقدي من السياق الأدبي الى السياق الاجتماعي لصلاح فضل
سنة 2 ثانوي
لغة عربية للسنة الثانية ثانوي اداب وعلوم انسانية
هلاً بكم طلاب وطالبات في موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي يسرنا أن نطرح بين يديكم إجابة السؤال القائل تحليل النص النقدي (من السياق الأدبي الى السياق الاجتماعي) لصلاح فضل
وتكون اجابتة الصحية والنموذجية للسؤال هي
تحليل النص النقدي (من السياق الأدبي الى السياق الاجتماعي) لصلاح فضل
تختلف مناهج الدراسة النقدية في قراءتها للظاهرة الأدبية، وتتباين بتباين مفاهيمها النقدية وأدواتها الإجرائية. من بين هذه المناهج، نجد المنهج الاجتماعي. وهو يختلف عن باقي المناهج الأخرى، في كونه يدرس الظاهرة الأدبية دراسة اجتماعية؛ من خلال ربطها بشروط إنتاجها الاجتماعية، والبحث في مسببات وجودها، وطبيعة الوسط الذي وجدت فيه وملابساته. وهو لا يقف عند حدود الوصف والتفسير، بل يتعدى ذلك المستوى إلى فهم الأعمال الأدبية، وتحليلها، والكشف عن أثرها الفني والجمالي الذي تحدثه في المتلقي. وقد ولد هذا المنهج في أحضان المنهج التاريخي في النصف الثاني من القرن 20. ومن عوامل ظهوره شيوع الفكر الماركسي والفلسفة المادية وانتشار الواقعية الاشتراكية مع التقدم الذي عرفه علم الاجتماع في أوربا. ومن أشهر أعلام هذا المنهج ومنظريه "لوسيان كولدمان، وجورج لوكاتش، ومدام دوستال، واسكاربيت"، إضافة إلى بعض النقاد العرب؛ كـ "محمد مندور، غالي شكري، نجيب العوفي، إدريس الناقوري، الأمين العمراني، صلاح فضل،...
صاحب النص:
يعد صلاح فضل أستاذ جامعي، ناقد وباحث مصري. وهو من أبرز رواد المنهج الاجتماعي في العالم العربي. يمتاز بدرايته الجيدة بفنون الأدب العربي، ومتابعة ما ينتجه الأدباء من شعر وقصة ومسرحية، وبمعايشة كل التيارات الأدبية النقدية.
مــلاحــظــة الـــنــص:
1- مــصــدر الــنــص:
النص الذي بين أيدينا(من السياق الأدبي إلى السياق الاجتماعي)، للناقد صلاح فضل مقتطف من كتابه (منهج الواقعية في الإبداع الأدبي)
2- نــوعــيــة الــنـص:
النص قيد الدراسة هو عبارة عن نص نقدي نظري، يعرف بالمنهج الاجتماعي
3- قراءة في العنوان:
يتكون العنوان من مكونين أساسيين، وهما السياق الأدبي والسياق الاجتماعي، فالنص الأدبي هو انعكاس للسياق الاجتماعي للمجتمع، يصور ظروفه ويرصد ملابساته.
4- فرضية القراءة:
انطلاقا من عنوان النص، وبدايته ونهايته، نفترض أنه عبارة عن نص نقدي خصه الناقد صلاح فضل للتعريف بالمنهج الاجتماعي، وطريقة اشتغاله على النصوص الأدبية، وطبيعة الخطوات الإجرائية التي يستند إليها.
5- طرح الإشكالية:
فما طبيعة هذا المنهج الاجتماعي، وحدوده، وآليات اشتغاله؟ وما نوعية الأساليبالاستدلالية التي وظفها الناقد لشرح هذا المنهج؟ وهل حافظ الناقد على اتساق نصه، وانسجامه؟
فــهــم الــنــص:
1- الــقــضــيــة الــنــقــديــة:
يتناول الناقد في نصه قضية نقدية تتعلق بالمنهج الاجتماعي؛ حيث يحاول أن يحيط القارئ علما بخصوصيات هذا المنهج، وطريقته في الاشتغال على النصوص الأدبية؛ فقارن في هذا الصدد، بين منهجين واضحين في دراسة اجتماعية الأدب، هما: علم اجتماع الظواهر الأدبية، وعلم اجتماع الإبداع الفني في الأدب.
2- عــنـاصــر الــقــضــيـة الــنـقــديــة:
وفيما يلي عرض لخصوصيات كل منهج على حدة:
• علم اجتماع الظواهر الأدبية: رائده اسكاربيت، وهو منهج يدرس الظاهرة الأدبية كغيرها من الظواهر الاجتماعية، ويطبق عليها اسكاربيت مصطلحات علم الاجتماع والاقتصاد، ويقسم دراسته لها على ثلاث مراحل محددة: الإنتاج، التسويق، والاستهلاك.
• علم اجتماع الإبداع الفني في الأدب: ورائده لوسيان غولدمان، ويركز في دراسته للإبداع الفني على فكرتين جوهريتين، هما: البنية الدالة، ورؤية العالم.
- البينة الدالة: عبارة عن مقولة ذهنية، أو تصور فلسفي، يتحكم في مجموع العمل الأدبي، وتتحدد من خلال التواتر لعناصر مختلفة، في نسيج شمولي تكون وحدة شاملة.
- رؤية العالم: هي مجموعة من الأفكار والمعتقدات والتطلعات والمشاعر التي تربط أعضاء جماعة إنسانية. والأديب جزء من جماعته التي ينتمي إليها، وإبداعه هو ترجمة لآمالها وتطلعاتها؛ حيث يصيغ رؤية العالم التي تعبر عنها بصيغة فنية أو جمالية.
كما يتبع لوسيان غولدمان مرحلتين أساسيتين في التحليل البنائي، هما: مرحلة الفهم، ومرحلة الشرح. فمرحلة الفهم، تتحدد في التركيز على النص ككل؛ بفهم عناصره فهما عقلانيا. أما مرحلة التفسير، فهي تشمل إدراج النص المدروس ضمن بنية أكبر، هي الواقع؛ باستحضار عوامل خارجية تضيئه، وتشرحه، وتفسره.
تــحــلــيــل الــــنــص:
1- المنهج المعتمد في بناء النص وعرض أفكاره:
إن الناقد صلاح فضل في شرحه للمنهج الاجتماعي، وطريقته في الدراسة النقدية للأدب، اتبع خطوات منهجية مضبوطة، حافظ من خلالها على تماسك قراءته النقدية؛ حيث وظف المنهج الاستنباطي، فانطلق بموجبه من مبدأ عام، حين أقر في مقدمة نصه بوجود منهجين واضحين في دراسة اجتماعية الأدب، هما: علم اجتماع الظواهر الأدبية، وعلم اجتماع الإبداع الفني في الأدب، لينتقل بعدها إلى تعريفهما، وشرح خصائصهما، وآليات اشتغالهما، والمفاهيم التي يرتكزان عليها في الدراسة النقدية للنصوص الأدبية.
2- الأساليب الحجاجية المعتمدة في النص
ولجعل النص أكثر وضوحا وإقناعا، استعان الناقد بأساليب حجاجية، أسعفته كثيرا في بسط أفكاره، وتقلبيها شرحا وتفصيلا، والبرهنة والاستدلال على صحتها. هذه الأساليب، نميز فيها بين ما يلي:
أسلوب التعريف: حيث يعمد إلى تعريف كثير من المفاهيم النقدية الواردة في النص؛ كتعريفه للمنهجين المتبعين في الدراسة الاجتماعية (الأول يمكن تسميته علم اجتماع الظواهر الأدبية، وما يرتبط بها من وسائل الاتصال والنشر والتلقي والتأثير...والثاني يمكن تسميته بعلم الإبداع الفني في الأدب)، وكذلك تعريفه للمفهومين اللذين يرتكز عليهما غولدمان في منهجه الاجتماعي( البنية الدالة/ رؤية العالم)
أسلوب المقارنة: حيث يقارن الكاتب بين المنهجين المتبعين في الدراسة الاجتماعية للأدب (هناك منهجان واضحان في دراسة اجتماعية الأدب وتحليلها على مستويات مختلفة...)، أو عند المقارنة بين مرحلتي الفهم والتفسير اللتين يتبعهما لوسيان غولدمان في التحليل البنائي(...إذا كان الفهم يميز البينة الدالة للعمل الأدبي، فإن الشرح يشمل إدراج هذه البينة في أخرى أكبر منها...)
أسلوب التمثيل: التمثيل للمفاهيم الاقتصادية التي يطبقها اسكاربيت في دراسته الاجتماعية للأدب (الإنتاج، التسويق، الاستهلاك...)، أو المفاهيم المعتمدة عند لوسيان غولدمان (البينة الدالة، رؤية العالم، الفهم، التفسير)
أسلوب السرد: سرد الكاتب لحدث يتعلق بالأوضاع الاقتصادية للكتاب (...نظام الارتزاق بالأدب الذي كان سائدا في العصور الوسطى عن طريق حامي الأدب المتكفل بالرعاية المادية...)
أسلوب الاستشهاد: وفيه يستحضر الكاتب تعريف جان بياجيه للبنية الدالة (توجد بنية ما عندما تجتمع بعض العناصر في وحدة شاملة...)
أسلوب الوصف: من خلاله تشخيصه للمراحل المتبعة في الدراسة الاجتماعية عند اسكاربيت (يقسم دراسته على ثلاث مراحل محددة، هي: الإنتاج، والتسويق، والاستهلاك...)، أو عند غولدمان(...على أن هناك فكرتين جوهريتين، ينبغي أن نوضحهما، قبل أن نمضي في تتبع مذهب غولدمان...)
3- الأساليب اللغوية المعتمدة في النص:
من جانب آخر، يمكن القول إن الكاتب صلاح فضل، قد التمس في شرحه للمنهج الاجتماعي مجموعة من الوسائل اللغوية، لتحقيق اتساق نصه، وإحكام الربط بين جمله وفقراته، وذلك من خلال مجموعة من مظاهر الاتساق؛ كالإحالة بأنواعها المختلفة، بواسطة الضمائر وأسماء الإشارة، والتي منها ما يحيل على عناصر سابقة في النص (يدرس الظاهرة الأدبية كغيرها/ الأعمال الإنسانية...لا يمكن فهمها...)، أو عناصر لاحقة (إدراج هذه البنية /...ترتبط بالمرحلة التالية لها، وهي مرحلة الشرح...). وتسمى "إحالة نصية"، أو تحيل على عناصر خارج النص "إحالة مقامية"؛ من خلال ضمير المتكلم/ أو المخاطب( يمكنك ملاحظتهما...). ثم هناك الوصل، سواء ما يقوم منه على الربط التماثلي(أي، الواو، الفاء، أو، في هذا الإطار...)، أو ما يقوم منه على الربط العكسي (بينما على العكس، بل، لا، لكن، ليس...)، أو الربط السببي (إن، إذا كان، على هذا، أما، إلى هنا، من هنا...)، أو ما يقوم منه على الربط الزمني (قبل، إذ، حينئذ، ). ثم هناك كذلك الاتساق المعجمي، سواء القائم منه على التكرار؛ كتكرار التطابق(علم الاجتماع، المجتمع، الأدب، الدراسة، البنية الدالة، رؤية العالم...)، وتكرار الترادف(العمل الأدبي=الظاهرة الأدبية، الامتزاج الوجداني= العوامل العاطفية، التحليل= الدراسة، الكتاب= الأدباء، الإبداع الثقافي= الإبداع الفني...). أو القائم منه على التضام، كخلق علاقة تعارض بين عنصرين (الفردية÷ الاجتماعية، الإنتاج÷ الاستهلاك، ترويج÷ كساد، الضمير الجماعي÷ الضمير الفردي...)
تركيب النص:
نصل أخيرا إلى أن الناقد صلاح فضل، في دراسته المنهج الاجتماعي، وشرحه للخطوات التحليلية المتبعة فيه؛ سواء عند اسكاربيت أو لوسيان غولدمان، قد استطاع الوفاء لهذا المنهج شرحا وتفصيلا، متسلحا في ذلك بمعجم نقدي متنوع، ومعتمدا المنهج الاستنباطي الذي يسر له الانتقال من فكرة لأخرى، ومن المبدإ العام إلى الأفكار الجزئية. كما اعتمد أساليب حجاجية متنوعة؛ كالتعريف والتمثيل والمقارنة والوصف، استطاع من خلالها التدقيق في دراسته شرحا وتبسيطا، والبرهنة على صحة النتائج التي توصل إليها. ولزيادة البعد التفسيري والحجاجي وضوحا، وظف الكاتب لغة تقريرية مباشرة تعتمد اللفظ البسيط والمعنى الواضح. كما حرص على إضفاء طابع الانسجام والتماسك على أفكار النص وجمله وفقراته؛ من خلال توظيفه مجموعة من الروابط الحجاجية، ووسائل اتساق أخرى؛ كالإحالة والوصل والاتساق المعجمي.
ويمكن القول أخيرا إن المنهج الاجتماعي، يعد من أبرز المناهج النقدية المتبعة في دراسة النصوص الأدبية؛ لكونه لا يقف عند حدود وصف الظاهرة الأدبية وتفسيرها، بل يتعدى ذلك المستوى إلى فهم الأعمال الأدبية وتحليلها، والكشف عن أثرها الفني والجمالي الذي تحدثه في المتلقي.
.