0 تصويتات
في تصنيف منهجية دراسة اداب وفلسفة بكالوريا بواسطة

هل تبقى قيمة للفلسفة في زمن التطور العلمي مقال جدلي حول ضرورة الفلسفة 

في موقع،{{ الحل المفيد}}، نطرح عليكم طلاب وطالبات  bac البكالوريا للسنة أولى والثانية والثالثة ثانوي ملخص شرح تحليل وتحضير النصوص والمقالات الفلسفية باك 2023 2024 جميع الشعب كما نقدم لكم الأن أعزائي التلاميذ إجابة السؤال الفلسفي القائل... هل تبقى قيمة للفلسفة في زمن التطور العلمي مقال جدلي حول ضرورة الفلسفة 

_إجابة السؤال هي 

المـوضــوع: هل تبقى قيمة للفلسفة في زمن التطور العلمي؟   

             -هل الفلسفة ضرورية أم غير ضرورية؟

            -هل يمكن للإنسان الاستغناء عن الفلسفة؟    

الطـريقــة: جـــدلــــية.

طرح المشكلة: 

   لقد كانت تعرف الفلسفة قديما بأنها أم العلوم لأن جميع العلوم تندرج تحتها و لكن في العصر الحديث انصلت عنها ، فحقق العلم بذلك تقدما علما و تكنولوجيا سهل حياة الإنسان، فترتب عن هذا إهمال لدور الفلسفة في الحياة الإنسانية و الشك في قيمتها و عدم جدواها مما أدى إلى جدل و اختلاف بين العلماء و الفلاسفة حول قيمتها ففريق اعتقد بعدم أهميها و إمكانية تعويضها بالعلم و هذا لطبيعة نتائجه اليقينية، وفريق الفلاسفة يرون عكس ذلك من أن لها قيمة و فائدة 

و المشكلة المطروحة: هل يمكن للإنسان التخلي عن الفلسفة و تعويضها بالعلم كبديل أم لا يمكنه ذلك؟ و بالتالي هل الفلسفة ضرورية لحياة الإنسان أم لا؟

محاولة حل المشكلة:

أ-عرض الأطروحة:

  لقد طرحت هذه القضية جدلا فلسفيا بين العلماء و الفلاسفة ، حيث أكد أنصار النزعة العلمية و من بينهم "أوجست كونت" "غوبلو" الغزالي" ابن تيمية" أنه لا يمكن أن تبقى للفلسفة قيمة في زمن التطور العلمي ، إذ يعتد هؤلاء أن دور الفلسفة قد ولى و انتهى و حل محله العلم الذي لبى مختلف الأغراض الحياتية و المعرفية للإنسان لذلك لا بد من ضرورة البحث في الموضوعات المختلفة بحثا تجريبيا و عدم التفلسف في أي منها.

-الأدلة و البراهين:

 - اعتبار المعرفة العلمية التي تؤكدها التجربة هي المعرفة الوحيدة و الصحية و ما عدا ذلك لا يمكن اعتباره علما و الفلسفة تناولت قضايا لا تدرك بالحواس و لا تؤكدها التجربة و لهدا فهي ليست علما و لهذا قال "غوبلو:" المعرفة التي ليست معرفة علمية ليست معرفة بل جهلا".

إن الذين يشكون في قيمة الفلسفة يلجؤون إلى حجج عديدة، منها:

أ-إن الفلسفة لا تنتهي إلى نتائج قطعية تفرض نفسها على جميع الناس كما هو الشأن في العلم. الذي حقق الضروريات للإنسان (الغذاء، السكن، المعرفة، كشف الأسرار الكونية...) و لم يترك أي موضوع يثير الحيرة و التساؤل للإنسان فأصبح يعرف مكونات الذرة و أكبر المعجزات الفضائية و جعل من العالم قرية صغيرة يمكن الاطلاع عليها نتيجة التطور العلمي و التكنولوجي و ما حققته الثورة العلمية من نتائج و الواقع أكبر دليل على ذلك لقد استطاع العلم أن يخضع الطبيعة لإرادة الإنسان. و إذا هم انتهوا إلى أجوبة فإنهم بها لا يقنعون جميع الناس. و من ثمة لم نعد بحاجة إلى الفلسفة في ظل كل هذا التطور العلمي.

ب- ثم إنها ليست مادة للمعرفة يمكن اكتسابها كما تكسب الرياضيات أو الفلك. و أصداؤها لا تبدوا ملموسة في المصانع و المزارع و المتاجر كما هو الحال في العلم.

ج-إنها مقفلة على نفسها لا تعرف التقدم. و هي ليست واحدة بل هناك فلسفات متعددة و متناقضة، بعيدة عن الدقة و الموضوعية على عكس العلم الذي تكون نتائجه ثابتة و متفق حولها.

و-هذا الذي جعل "أوجست كونت" يعتبرها حالة من الحالات الثلاث التي حان للفكر البشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية و هي المرحلة العلمية.

د-كما اعتبرها بعض الفقهاء المسلمين مناقضة للدين مثل الغزالي و ان تيمية فهي تشكل خطرا على العقائد الإيمانية، و تؤدي إلى الإلحاد و الكفر و الشك في الإيمان من جراء كثرة التساؤل في الأمور الغبية .

نقد :مناقشة حجج الرأي الأول:

    و لكن رغم ان معظم الحجج هذه من صحة فإن للفلسفة فوائد: 

*إن النتائج القطعية و اتفاق العقول من طبيعة العلم وحده دون الفلسفة. فلو أجمعت العقول الفلسفية على قضية من القضايا لتحولت الفلسفة بالضرورة إلى علم لا إلى فلسفة. و لكن الفلسفة تأبى بطبيعتها أن تتحول إلى علم. و لهذا فهي تحافظ على خاصتها و لا تريد أن تكون واحدة .

  ثم إن هدف الفلسفة ليس الوصول إلى إجابات بل في التساؤل النقدي الدائم، (كما يقول "برتندراسل" في الفصل الأخير من كتابه "مشكلات فلسفية".:"و سواء أكانت الأجوبة ممكنة أو غير ممكنة فإن الأجوبة التي تقترحها الفلسفة ليست أبدا من الحقيقة ما يمكن التثبت من صدقها".)

فالفلسفة ليست مادة للاكتساب بل منهج للتفكير و التفلسف التي تهم كل كائن عاقل. يقول "كانط":"لا توجد فلسفة يمكن أن تعلم. و كل ما نتعلمه هو أن نتفلسف" و معنى هذا أنها لا تحتاج إلى تعلم إلا بالممارسة، لأنها نشاط فكري. فالفلسفة تبقى عبارة عن وجهات نظر فقد يتخذ المرء فلسفة ما خطة لسلوكه تثير اشمئزاز الآخرين.

-إن الفلسفة لا بد منها لما فيها من فائدة تعم الرجل الساذج و العالم على حد سواء. ولا مفر منها لأنها روح حياة المرء. يقول "أرسطو":"تقولون: يجب أن نتفلسف... فلنتفلسف بالفعل. تقولون: لا يجب أن نتفلسف ... فلنتفلسف أيضا حتى نبرهن على ذلك. على كل حال من الضروري أن نتفلسف" و هو ما يناسب القول :"كل تهجم على الفلسفة هو فلسفة"

-و العلم وحده غير كاف لسد حاجيات الإنسان نحو التطلع يقول "سبينسر:" إن العلم هو المعرفة الموحدة جزئيا. أما الفلسفة هي المعرفة الموحدة كليا" و معنى هذا أن العلوم بغير فلسفة تبقى عاجزة مضطربة و ناقصة. و أن الفلسفة عبارة عن تركيب للمعلومات التي يحصل عليها من هنا و هناك. 

ثم إن العلم لم يسعد الإنسان في جميع الحالات بل له جانب سلبي يتمثل في كون أن بعض الاختراعات العلمية كالقنابل الذرية و النووية الجرثومية أصبحت تشكل خطرا دائما لوجود الإنسان و ما أفرزته من قلق و خوف على المجال النفسي ،كما أن العلم اهتم بالجانب المادي و أهمل الجانب المعنوي الروحي الذي يعبر عن جوهر الإنسان و هو من اختصاص البحث الفلسفي.

2- عرض نقيض الأطروحة: يرى أنصار النزعة الفلسفية و على رأسهم "ديكارت" كانط" برتندراسل"كارل ياسبرس أن للفلسفة فائدة و قيمة فهي تبقى ضرورية للإنسان رغم التقدم العلمي فهذا لا يفقدها قيمتها و لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها ، إذ لا يمكن أن يكون العلم بديلا لها لما تتميز به من موضوع و منهج، ذا الطابع العام و الشامل الذي لم يرتقي إليه أي بحث. أن يحل محلها 

-الأدلة و البراهين: لأن:

-كل معرفة علمية تبدا بالتساؤل الفلسفي و الفلسفة بدورها تعمل على تقييم و توجيه الحقيقة العلمية إذ يمكن للعلم الموجه من طرف الفلسفة أن يخلق للإنسان الشعور بالاطمئنان بدلا من الخوف و الاضطراب.

-كما أن موضوع الفلسفة الذي يتجاوز المحسوس يبرر ضرورة التفلسف إذ لا يمكن للعلم أن يحل محلها لاقتصاره على دراسة ما هو محسوس و ما يؤكد ذلك الفلسفة لدى المسلمين هس سبيل التوفيق بين حقائق الوحي و اجتهادات العقل هذا ما أدى إلى التمسك بها (الفلسفة الإسلامية).

- الفلسفة تجيب عن ما عجز العلم عنه فرغبة الإنسان في الوصول إلى الحقائق القصوى و عدم تمكن العلم من ذلك هو الذي يحتم ضرورة الفلسفة التي تعمل على إشباع فضول الإنسان العقلي.

-كما أن هناك جانب روحي لا يمكن للعلم أن يبحث فيه إذ هو من اختصاص الفلسفة فقط كالغاية من الوجود الإنساني الوجود ككل و هنا تتجلى ضرورة الفلسفة للإنسان.

-كما يمكن توضيح أكثر فائدة الفلسفة من أنها غذاء العقول و الروح و نلمس ذلك من خلال ذكر فائدتها عبر المراحل التاريخية فقد كانت عند 

- اليونان تكمن في البحث عن الحقيقة و التماسها لذاتها من غير غاية نفعية. الأمر الذي أخرج اليونان من الوثنية العقلية إلى التفكير المستقل الذي وضع العقل الإنساني أمام حقائق الحياة. و قد كانت الفلسفة اليونانية أحد المشارب الكبرى التي نهلت منها الثقافات الإنسانية عبر العصور.

-كما كانت الفلسفة في العصور الوسطى سواء عند المسلمين أو غير المسلمين تتمثل في الرغبة في جعل العقل يسير في اتساق مع الروح مما سمح لهم بالتيقن إن الحقائق الموحى بها من الله لا تناقض العقل ، إذ أدت الفلسفة خدمة دينية عند المسلمين على وجه الخصوص فقد كانت دافعا قويا للرد على الملحدين .

- و كانت الفلسفة في العصور الحديثة و خاصة مع "بيكون" و "ديكارت" ثورة على الفلسفة القديمة التي كانت تطغى على العقول و تشلها في محاولاتها لإدراك الحقيقة. كما أنها كانت تحررا من طغيان العادات الاجتماعية و الدينية من أوهام و خرافات و أباطيل و سدا منيعا ضد تقاليد سياسية . فكانت الفلسفة مدرسة لتلقين محبة الإصلاح و روح النقد. و كان هذا سببا من أسباب ازدهار العلوم التجريبية.

-أما في الفلسفة المعاصرة نلاحظ أنها انتقلت من مبحث الوجود العام إلى وجود الإنسان. و مهمة الفيلسوف أصبحت أكثر واقعية إذ أصبح يهتم بكفية تغيير الواقع و القضاء على ألوان الاستغلال مثل ما فعلت الفلسفة الماركسية. و لم تبقى الفلسفة مجرد تأمل نظري فقط بعيد عن الحياة بل أصبحت متصل بها و تبحث عن مكانة الإنسان في هذا الكون خاصة في ظل التطور العلمي مثل ما فعلت الفلسفة الوجودية....

ب- و الفلسفة من خلال ذلك ، أدت للإنسانية جمعاء خدمة اجتماعية هدفها توجيه الناس إلى حياة أسعد على أساس قيم أصلح و حقائق أسلم. فلا أحد ينكر مدى تأثير المذاهب الفلسفية على الحركات الاجتماعية التي حررت الأمم من سبب تعاستها و خلصتها من منحها. و على النهضات العلمية التي أنارت الفكر و قضت على الجهل. 

و الفلسفة بصرف النظر عن أثارها النفعية في حياة الجماعة. تنطوي في حد ذاتها على قيمة نظرية عظمى. إنها بالرغم من عجزها على تقديم أجوبة موضوعية على الشكوك التي تحاصرنا، في مستطاعها على الأقل ان توحي لنا بإمكانيات و تقترح وسائل تكون عونا لنا في أبحاثنا و توسع تفكيرنا. إنها فرصة تمكننا من الوقوف على منطق المعالجة و تفتح أنظارنا على جميع الأمور فكم من فيلسوف وجد في هذه التأملات "فيتامينات" لروحه و سلوى لقلبه ، لأن قيمة الفلسفة هي إزالة الجهل. فما أنكد الذي لا يرحب إلا بالحاجيات المادية فلا يعرف من دنياه إلا ملء معدته و سد الضروري من مطالب عيشه، و يهجر تغذية الفكر و الروح. إذ على المرء أن يتعقل هذا الوجود الذي يوجد فيه، و أن يحدد مكانه منه و أن يتخذ لنفسه فنا في الحياة. و لا يمكن أن يتم له ذلك بدون تفلسف.

-إن الفلسفة القديمة منها و الحديثة كان لها دور في تفسير طبيعة العالم و حقيقة الإنسان و دور نفسي في توسيع أفاق الفكر و هكذا يتجلى أن الفلسفة لا تنفصل عن حياة الفرد و لا تتنافى مع متطلبات حياة الشعوب. و لقد صرح "ديكارت :"إن الفلسفة وحدها هي التي تميزنا عن الأقوام المتوحشين و الهمجيين و حضارة كل أمة و ثقافها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها" .

*إذن الفلسفة تقوي فينا روح النقد البناء و تقوي شخصيتنا و بفضلها تتطور العلوم و المعارف و تقوي في نفوسنا تلك النزعة النقدية و تحرر عقولنا من الآراء الشائعة.  

النقد: لكن الفلسفة باستمرارها في طرح المسائل المجردة تبقى بعيدة عن حياة الناس ، و تؤدى التساؤلات الكثيرة إلى مداخل لا مخارج لها. مما أدى إلى النفور منها و تعويضها بالعلم لتميزه بوحدة و دقة نتائجه التي لا مجال للنقاش فيها كما أن الفلسفة مبنية على الاختلاف و التناقض و الحلول التي يتقدمها مجرد افتراضات نظرية بعيدة عن الواقع مما أدى إلى إمكانية التشكيك فيها و تعويضها بالعلم.

يتبع في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
مقالة جدلية حول ضرورة الفلسفة يتبع..

- التركيب : من خلا التناقض بين الموقفين السابقية نصل إلى موقف وسطي مفاده بأن لكل من الفلسفة و العلم أهمية في حل مشاكل الإنسان إذ أن تنوع هذه المشكال و تجددها يفرض التكامل بين وظيفة العلم على أساس أن لكل واحد منها وظيفته الخاصة فالعلم يلبي الجانب المادي و الفلسفة تلبي الجانب المعنوي (الدين و القيم) كما ن الفلسفة تعد تمهيدا للعلم من خلال الأسئلة التي تطرحها و العلم يقدم أجوبة للفلسفة سرعان ما تتحول منة جديد إلى أسئلة فلسفية و هذا ما يضمن تطور كل منهما و يجعلهما في خدمة الإنسان هذا التكامل أفرز مبحثا يسمى بفلسفة للعلوم كمبحث فلسفي معرفي وليد بين الفلسفة و العلم.

 *الرأي الشخصي: و حسب رأيي الشخصي لا يمكن للعلم مهما تقدم أن يلغي أهمية الفلسفة لأنه لا يستطيع أن يحل جميع مشاكل الإنسان التى يتبقى من اختصاص الفلسفة. و بالتالي كل منهما يقدم خدمة متكاملة للإنسان

حل المشكلة : و عليه نستنتج أخيرا أنه يمكن الإقرار أنه لا يمكن للإنسان الاستغناء عن الفلسفة بأي حال من الأحوال لأنها ضرورة حياتنا تعبر عن وجوده (الجانب المعنوي ، و لكن إلى جانب العلم (الجانب المادي ). فالعلاقة بينهما علاقة تكامل لأنهما معا يمثلان بحث الإنسان المستمر عن الحقيقة الكلية التي تحصل عليها من خلال جملة الحقائق الجزئية جراء البحث العلمي لهذا يقال :"إن الحياة التي تعبر عن حقيقة الإنسانية هي التي يجب أن تبحث في شروط المتطلبات المادية و هذا من اختصاص العلم كذلك يجب العمل على ترقية الإنسان حتى نجعله يتصف بالمبادئ السامية الذي هو وحده قادر علىهل الفلسفة ضرورية؟لغات،رياضيات،تقني رياضي،علوم تجريبية........

الموضوع1:هل الفلسفة ضرورية كانتاج فكري؟

طريقة جدلية

1- طرح المشكلة:

عادة ما تعرف الفلسفة بكونها ذلك التأمل النظري العميق في مسائل الوجود ككل حسب الفلاسفة اليونانيون وذلك التساؤل النقدي البناء الهادف إلى المعرفة، وهي في الأصل كلمة يونانية مركبة من لفظين :فيلو وتعني محبة وصوفيا وتعني الحكمة،وعليه الفيلسوف هو الذي يسعى إلى المعرفة في أقصى حدودها لذا عرفت قديما بأم العلوم، لكن بعد انفصال العلوم عن الفلسفة وظهور المنهج التجريبي في القرن 17 م اختلفت الآراء بين مؤيدين ومعارضين حول قيمة الفلسفة وحاجة الانسان لها خاصة في عصرنا هذا الذي يعرف مختلف التطورات التكنولوجية والعلمية ، فهناك من يرى ان الفلسفة ضرورية كانتاج فكري من بينهم الانجليزي المعاصر برتراند راسل، والبعض الآخر يرون أنه لا حاجة للتفكير الفلسفي خاصة ان الفلسفة لا تنتهي الى نتائج وبراهين قاطعة عكس العلم مما دعا الى ضرورة استبدال الفلسفة بالعلم وعلى راس هؤلاء انصار الوضعية المنطقية فريدريك وايزمان،وأمام هذا الاشكال نطرح السؤال التالي :هل الفلسفة ضرورية كانتاج فكري؟بمعنى آخرهل الانسان بحاجة للفلسفة في ظل التفدم العلمي؟

2-محاولة حل المشكلة:

أ/ عرض منطق الاطروحة 1 ومسلماتها:

يؤكد البعض أن الفلسفة ضرورية للانسان باعتبارها انتاج فكري ورفضها هو رفض للفكر والعقل،فإذا كان التفكير ملازم للانسان باعتباره وظيفة جوهرية له،فمن المستحيل انكار الفلسفة كنموذج من نماذج التفكير عرفته البشرية عبر التاريخ، والتفكير هو ممارسة لوظيفة طبيعية في الانسان،هي وظيفة عقلية،وعليه التفلسف لا ينفصل عن التفكير،وهذا ما يميز الانسان ككائن عاقل،فهذا الأخير يسعى إلى المعرفة بجميع أنواعها كما يسعى لكشف حقائق الاشياء وماهياتها و اسباب وجودها فيطرح الاسئلة بالفطرة. والسؤال من الناحية الاصطلاحية طلب واستدعاء للمعرفة، لذا الفلسفة هي طلب ورغبة في المعرفة ،والفيلسوف لا يختلف عن أي باحث ومحب للمعرفة يتميز بجهده في البحث عن كل شكل من اشكال المعرفة غايته الوصول الى الحقيقة في اقصى حدودها شأنه شأن العالم ،وعبر التاريخ يؤكد الكثير من الفلاسفة قيمة هذا النوع من التفكير من بينهم الفلاسفة اليونانيون كافلاطون وتلميذه أرسطو،هذا الأخير يؤكد أن منبع التفلسف تمثل في الدهشة حيث يقول:« لقد اتاحت الدهشة للانسان قديما كما حديثا أن يتفلسف....والذي يدهش ويسأل انما يشعر بالجهل...حتى يتحاشى الانسان الجهل بدا بالتفلسف »،فالسؤال في الفلسفة يتميز بخصائص فريدة أبرزها الدهشة الفلسفية والاحراج ويقصد بالدهشة تلك الحيرة والقلق التي يشعر بها الفيلسوف نتيجة جهله لحقيقة الاشياء،فالوعي بالجهل وادراك صعوبة السؤال هو ما يدعو الى التفكير والتامل والبحث عن المعرفة.فلا ياخذ الانسان عالم تجربته على ما هو عليه بكل بساطة بل هو يتعجب ويسال عن الاسباب وحقائق الاشياء : ما اصل الاشياء؟ما الحقيقة؟هل يمكن الوصول الى حقيقة مطلقة؟ما اصل المعرفة العقل ام الحواس؟.ما الخير؟ ما الجمال.؟ ما مصيري بعد الموت؟...الخ، وبالتالي فهي دهشة تتعلق باشياء الطبيعة وما وراءهاوقد عبر عنها الفيلسوف أيو العقلانية روني ديكارت: «بانها دهشة فلسفية يتولد عنها الفضول لا الشرود،تحرك الفكر وتستجيب لاسمى تطلعات الفكر الذي يبحث في المعرفة من اجل المعرفة» لهذا يقول الفيلسوف أفلاطون :«خاصية الفلاسفة الاندهاش من كل شيء »ويقول الفيلسوف الوجودي المعاصر كارل ياسبرز:« يدفعني الاندهاش الى المعرفة فيشعرني بجهلي» ،ونتيجة لهذا الجهل يشعر الفيلسوف أيضا بالاحراج ويقصد به الشك فالفيلسوف في حالة شك وضيق نتيجة الشعور بالجهل وادراك صعوبة السؤال وهذا ما يدفعه للبحث عن جواب .وفي هذا يقول المفكر آلان جيرانفيل: «ان السؤال الفلسفي يهدف الى اماطة الجهل».ولهذا الاسئلة في الفلسفة اهم من الاجابات عكس السؤال العلمي الذي هدفه الوقوف على القوانين العلمية كجواب نهائي فاذاكان العلماء يطرحون مشكلا يمكن حلها آجلا او عاجلا فان السؤال الفلسفي يطرح اشكاليات وهي اسئلة تثير نتائجها الشكوك،ومن ابرز هذه الاسئلة ما ارتبط بالقضايا الميتافيزيقية كمسألة الحرية والمسؤولية،مصير الانسان ،ومختلف المشاكل المرتبطة بالقيم الاخلاقية والجمالية والمشاكل المعنوية فحسب ارسطو العلم والمعرفة كليهما انتاج للتأمل الفلسفي حول الانسان والكون والعالم،فالفلسفة دهشة ووعي بالجهل غاية ممارستها المعرفة من اجل المعرفةوالتاريخ يثبت انه عن طريق التفلسف فقط ارتقى الفكر الانساني من الطبيعة الحيوانية و العفوية والغريزية للانسان لهذا يعرف الفلسفة يقول:« هي علم الوجود بما هو موجود»،فاعتبرها العلم الكلي الذي يشمل باقي العلوم ويعلوها لأنها تبحث في الاسباب والعلل الأولى للوجودوبقدر ما يستطيع عقل الانسان في معرفة الامور العويصةوينتج من هذا ان الفلسفة حسب ارسطو هي العلم النظري بالمبادئ والاسباب الاولى،ويرى أبو العقلانية روني ديكارت: ان للفلسفة قيمة كبيرة حيث يقول: . «...وكنت أريد ان اوجه النظر الى الفلسفة وابين انها نظر لكونها تشمل كل ما يمكن لففكر الانساني ان يعرفه ....وان حضارة كل امة انما تقاس بقدرة ناسها على تفلسف أحسن»،ففي العصر الحديث كانت الفلسفة هي أم العلوم فالفيليوف في العصر الحديث هو الملم بجميع المعارف الى درجة يشبهها ديكارت بشجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها الفيزيقا او العلم واغصانها مختلف العلوم على راسها الاخلاق ةاطب والميكانيكا،بل بل كانت الفلسفة في العصر الحديث مقياس تحضر الامم ،حيث نقول أن أمة ما متحضرة على أساس عدد الفلاسفة فيها، ومن أبرز الفلاسفة المسلمين الذين وضحوا قيمة الفلسفة نجد ابن سينا ت 1037م الذي يرى ان حقيقة الفلسفة لا تكمن في المعرفة فقط بل هي موقف من الحياة يقفه الانسان لاثبات جدارته بحياة متميزة عن حياة باقي الكائنات غير العاقلة يقول« الحكمة صناعة نظر يستفيد منها الانسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه وما عليه الواجب مما ينبغي ان يكسبه فعله لتشرف بذلك نفسه وتستكمل وتصضير عالما معقولا»، أما الفيلسوف ايمانويل كانط: « يرى الفلسفة من المهمات الاولية التي تقع على عاتق كل انسان باعتبارها عمل تنويري» والكثير من الفلاسفة المغاصرين ابرزوا قيمة الفلسف على راسهم الانجليزي برتراند راسل يقول« ان قمة الفلسفة تكمن فيما هي عليه من عدم اليقين بالذات....وان كانت الفلسفة عاجزة عن ان تهدينا على وجه اليقين الى الجواب الصحيح لما تثيره من شكوك فعلى الاقل هي قادرة على ان توحي بكثير من صور الامكان التي توسع عقولنا وتحررنا من عقال العرف والتقاليد....وتوقظ فينا الشعور بالتعجب والرغبة في الاطلاع..... :»

ب - نقد الادلة 1: لكن تطور الفكر الانساني اليوم راجع بالدرجة الأولى الى التطور العلمي والتكنولجي ،لا التفكير الفلسفي خاصة بعد انفصال العلوم عنها،وبما أن اللسفة لا تنتهي الى نتائج نهائية أو براهين قطعية اقتنع بعض العلماء أن البحث الفلسفي بحث عبثي لا طائل منه ،خاصة ان التفسير العلمي يتناقض مع التفسير الميتافيزيقي لذا دعو الى ضرورة استبدال الفلسفة بالعلم

.
بواسطة
ج -عرض منطق الاطروحة النقيض ومسلماتها:أكد البعض ان التفكير الفلسفي تفكير كلاسيكي،لا يمكن اعتباره إلا مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري فهي بحث عبثي لا يصل إلى نتائج نهائية،وتتعدد فيه الإجابات المتناقضة،بل نظرتها الميتافيزيقية تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي خاصة بعد ان هجرت العلوم شيئا فشيئا المنهج التاملي الفلسفي الى منهج البحث العلمي حيث لم يعد لها موضوع بعد انفصال العلوم وتخصصها،فلم يبقى لها سوى الميتافيزيقا التي يستعصى البحث فيها تجريبيا،فأصبحت مجرد أوهام لا يمكن الوصول فيها الى يقين،وهكذا أعلن البعض موت الفلسفة فلم يعد للمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث هذا الذي جعل العالم الفرنسي أوجست كونت يعتبرها مرحلة من مراحل الفكر «حالة من الحالات الثلاث المرحلة اللاهوتية–المرحلة الميتافيزيقية–المرحلة الوضعية» التي حان للفكرالبشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية–العلمية- وهي المرحلة العلمية ذاتها،و تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة جعل منها مجرد بحث لا طائل من وراءه أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم الحديثة على مواضيعها.فالفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه،فهي لا تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها ولا حقائق لأنها مجرد تساؤلات لا تنتهي ،كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيك في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية كما هو الشأن في علم الكلام وهذا الذي دفع غوبلو يقول:« المعرفة التي ليست معرفة علمية لا يمكن اعتبارها علما بل جهلا» وذهب أنصار الوضعية المنطقية في هذا العصر،من جماعة فينا شنوا هجوما عنيفا على الفلسفة وأكدوا ان عهد الفلسفة انتهى وحان الوقت لاستبدالها بالعلم الذي يمثل المرحلة الوضعية للفكر الانساني،ونظروا الى الفلسفة نظرة سلبية ورفضوها باسم العلم بحجة ان العلم مبني عل الاتفاق وان معارفه يقينية ،تتقبلها جميع العقول البشرية بينما الفلسفة منذ فجر التاريخ لم تصل الى حقائق يقينية وقطعية،كما أن التقدم العلمي والتكنولوجي راجع الى المنهج التجريبي والدراسة الوضعية للطبيعة و الفلسفة باستمرارها في طرح تساؤلاته لا تيسر حياة الإنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها .فحاجة الإنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية حيث يقول فريديريك وايزمان: «البراهين الفلسفية ليست استدلالية،لذا فانها ليست حاسمة ولا تثبت شيئا.فأقدر الأدمغة تختلف فيما بينها .ويستحيل وجود هذه الاختلافات في الأنساق الواضحة،ووجودها في الفلسفة شاهد على خلو البراهين الفلسفية من الصرامة المنطقية التي تتسم بها الرياضيات والعلوم الدقيقة»، ولهذا السبب أايضا نجد المفكر العربي المعاصر زكي نجيب محمود يسيخر من التفكير الميتافيزيقي، فالبعض يعتقد ان الفلسفة ما هي إلا ادعاءات ميتافيزيقة فارغة لا جدوى منها ولابد من الاعتماد على التفكير العلمي الذي استطاع أن يحل مشاكل الانسان ويجيب عن أسئلته بطريقة موضوعية ،وعن طريق العلم فقط تحرر الانسان من الطبيعة وكشف اسرارهات وأصبح يتحكم فيها وهو الوسيلة التي يبلغ بها السعادة حيث يقول الامريكي وليام جيمس «الميتافيزيقا مجرد خرافة »

د-نقد الادلة 2: لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ، لأن الفلسفة تجيب عن تساؤلات لا يجيب عنها العلم كما يقول برتراند راسل:« مهمة الفلسفة هي البحث في ما يعجز عنه العلم،»فالعلم لا يستطيع الاجابة عن كل تساؤلات الانساني خاصة اذا تعلق الامر بمشاكل المعرفة والقيم الاخلاقية والجمالية :ما الحق ؟ما العدالة ،هل الانسان حر ام مقيد؟...الخ وبالتالي مهمة الفلسفة أرقى من مهمة العلم كونها تهتم بالوجود ككل خاصة الانساني..فالعلم لا يستطيع البحث فيها نظرا لطبيعة منهجه التجريبي،بل ان مثل هذه المواضيع الاشكالية تحتاج بحث فلسفي. ولا يمكن انكار التفلسف كظاهرة انسانية ،والذين يشككون في الفلسفة مضطرون الى استعمالها من حيث لا يشعرون لهذا يقول ارسطو «:أن كل هجوم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف» لأن مهمة الفلسفة اليوم بالدرجة الاولى دراسة نقدية لمختلف العلوم

ه-التركيب /التغليب/ التجاوز:مثلما يحتاج الانسان اليوم الى العلم يحتاج أيضا الى الفلسفةخاصة بعدما ادرك الانسان مع نهاية القرن 20م ان العلم وحده لن يمكنه من بلوغ السعادة الحقيقية بل ادى العلم الى الاهتمام بالجانب المادي فقط واهمال الجانب المعنوي الروحي وخلق عدة مشاكل اخلاقية ومعنوية لم يستطع العلم بوسائله حلها خاصة مشكلة تهديد الوجود الانساني بعد صنع الاسلحة النووية،تسائلت الانسانية عن مصيرها،بل شكت في نتائج العلم وابعاده الاخلاقية والسياسية والاجتماعية....الخ. وهنا برزت الحاجة الى التامل الفلسفي في نتائج العلم ومناهجه،لذا يلح الفيلسوف غاستون باشلار في جميع كتبه تقريبا «على ضرورة ربط العلم بالفلسفة ربطا وثيقا وعلى ان لا ينفصل الفيلسوف قط عن ارض التجارب العلمية »فبالرغم من انفصال العلوم عن الفلسفة فانها تحتاج اليها كتساؤل فحص انتقادي ينصب على نتائج العلوم ومناهجها ووسائلهاوعلاقة العلوم ببعضها البعض وقيمتها ،فالمنهج العلمي بحاجة دائمة ومستمرة الى النقد الفلسفي وعلى ضوء هذه الدراسات النقدية تتطور العلوم وتتجنب اخطاءها المنهجيةويلخص الفرنسي ول ديورانت العلاقة بين الفلسفة والعلم:« العلم بدون فلسفة اداة خراب ودمار والفلسفة بدون علم عاجزة» ،لذا قيمة الفلسفة لا تكمن في الصول الى اجابة بل في تساؤلها المستمر المبني على النقد والرغبة في توسيع معارفنا،وعلى ضوء هذه الدراسة النقدية تتطور الفلسفة بتعدد مذاهبها وتجددها لذا يقول هيجل الالماني: «ان العلوم هي بمثابة الارضية التي تتقدم بها الفلسفة وتتجدد»،والتاريخ يثبت ان هناك علاقة بين الفلسفة والواقع،،فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع الإنسان من خلال البحث عن الأفضل دائما،فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي مثلا بفضل أفكار جون جاك روسو عن الديمقراطية.وقامت الثورة البلشفية في روسيا على خلفية أفكار فلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية ، وتبنت الولايات المتحدة الأمريكية سياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية .وبالتالي فهي ليست تفكير ميتافيزيقي منفصل عن الواقع

3-الفصل النهائي للمشكلة:

وفي الأخير نخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن طريق الفلسفة والعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح أسئلة فإن العلم يسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات العلم و نقدها و. وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي دفع الفيلسوف كارل بوبر: «مشكلة فهم العالم بما في ذلك نحن انفسنا كجزء من هذا العالم والفلسفة معا يساهمان في حل هذه المشكلة» تجسيدها في هذا العالم"

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى الحل المفيد، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...