0 تصويتات
في تصنيف منهجية دراسة اداب وفلسفة بكالوريا بواسطة

مقال جدلي حول مشكلة العنف و التسامح لشعبة اللغات و شعبتي الرياضيات و العلوم.

هل تبرير العنف ينفي التسامح كقيمة أخلاقية

في موقع،{{ الحل المفيد}}، نطرح عليكم طلاب وطالبات  bac البكالوريا للسنة أولى والثانية والثالثة ثانوي ملخص شرح تحليل وتحضير النصوص والمقالات الفلسفية باك 2023 2024 جميع الشعب كما نقدم لكم الأن أعزائي التلاميذ إجابة السؤال الفلسفي القائل... ______هل تبرير العنف ينفي التسامح كقيمة أخلاقية

إجابة السؤال هي 

مقالة جدلية حول العنف والتسامح 

هل تبرير العنف ينفي التسامح كقيمة أخلاقية ؟

طرح المشكلة: إن طبيعة الانسان الاجتماعية تفرض عليه ثقافة التعايش و التسامح في ظل التنوع و الإختلاف البديهي بين الناس في العادات و المعتقدات و أنماط العيش و السلوك.غير أن اتصاف الإنسان ببعض الصفات السلبية كالحسد و الكراهية و حب السيطرة يولد فيه القابلية للعنف الذي يبرز في كل مناحي الحياة كحالة من الضغط المادي أو المعنوي يوجهها الانسان ضد غيره سواء كان فردا أو جماعة و كثقافة لنبذ الآخر و عزله و اقصائه و تاريخ الارض الدموي خير شاهد على مظاهر العنف التي مارسها الإنسان منذ تواجده. إن هذه الحقيقة التي يتميز بها العنف مقابل التسامح أثارت جدلا فلسفيا واسعا حول العلاقة بينهما فهناك من يعتقد أن العنف نفي للتسامح و هو أمر طبيعي مبرر من حيث أنه يدخل في تكوين بنية الانسان و هناك من يعتقد أن العنف باعتباره سلوكا سلبيا يقتضي التسامح من حيث أن الانسان كائن اخلاقي بالدرجة الاولى و امام هذا الجدل نطرح الاشكال التالي :

هل تبرير العنف ينفي التسامح كقيمة أخلاقية ؟

محاولة حل المشكلة: 

عرض الاطروحة : يرى بعض الباحثين أن العنف طبيعة متأصلة في الانسان و من أهم تبريراته التعليل البيولوجي الذي يؤكد أن العنف يدخل في التركيبة البيولوجية للانسان الذي يميل إلى العنف بدافع غريزي فطري و أوضح دليل على ذلك هي الحروب العنيفة التي خاضها الانسان بفعل الهوس و الانانية.لقد تسبب الثلاثي هتلر و ستالين و ماوتسي تونغ في مقتل 150مليون شخص تحت وطأة التعذيب و التجويع و التنكيل و لهذا السبب يعتقد هذا الاتجاه " أن الرجال يشنون الحروب و الثورات لأن غريزة العنف و العدوان التي لا تخمد هي التي تقودهم إلى ذلك ".و يرى العالم النمساوي كوبراد لورنتز أن عدوانية الانسان غريزية نظرا لارتباطه بالنوع الحيواني لكن الانسان اخطر بكثير من الحيوان لأنه لا يملك ميكانيزم كابح يمنعه من قتل و افناء نوعه كما عند الحيوان.أما التعليل النفسي فيرى أن العنف متجذر في التكوين النفسي للانسان حيث تتوفر نفس الانسان - حسب سجموند فرويد - على دوافع عدوانية معادية للآخر تظهر من خلال حب الاستغلال و فرض السيطرة و الاذلال و انزال الألم به و يرى ان العنف ينشأ في حقيقته عن عدم اشباع الرغبات التي تتراكم في اللاوعي لتخرج بفعل الضغط في صورة عنف هدام بحيث يتزايد العنف كلما ازدادت حواجز الأنا الاعلى ممثلة في ارادة المجتمع و كلما فشل الانا أي الذات في احداث التوازن بين الأنا الاعلى و اللاوعي فالعنف من وجهة نظر فرويد ناتج عن كبت نفسي داخلي يتحول الى عدوان حي ضد الغير و ضد النفس ايضا و يرى التعليل الماركسي ان العنف ضروري لتغيير النظام الاجتماعي حيث تؤمن الماركسية ان تولد نظام جديد لا يمر إلا من خلال الثورة و العنف لكسر الاستغلال و الطبقية و تصحيح الواقع و في هذا الصدد يقول الفيلسوف الماركسي جورج سوريل " إذا كان هدف قوة الدولة هو فرض نظام اجتماعي عن طريق عدم المساواة و استغلال اهداف البروليتاريا فإنه ينبغي أن تكون وظيفة العنف هنا هو تدمير ذلك النظام " و بالتالي يعتبر العنف - حسب هذا الطرح - عملا بطوليا قائما على قيم اخلاقية تتمثل في تحقيق المساواة و القضاء على البرجوازية المنحلة اخلاقيا و يعلل بعض الباحثين العنف باعتباره ضرورة لاسترجاع الحق المغتصب مثل الثورات التحريرية في العالم ضد الامبريالية و إلا حكم على الإنسان بالجبن و التخاذل حيث يؤكد الفيلسوف الالماني نيشه أن التسامح في هذه الحالة هو مؤشر على العجز و الانحطاط و هو عقيدة للعبيد و الضعفاء كما يعلل بعض الدينيين العنف باعتباره تعبيرا عن ارادة الاله و يضفون عليه صفة القداسة كما حدث مع الحروب الصليبية و كما يحدث مع الاسلام السياسي الاصولي الذي يسفك الدماء و ينشر الدمار و الخراب تحت غطاء راية استعادة الخلافة المزعومة.

النقد : صحيح أن العنف قد يكون في بعض الأحيان الطريق الوحيد لاسترجاع الحقوق خاصة ضد المحتلين و المعتدين و لكن حقيقة العنف مهما بررناها تبقى طريقا سلبيا للتكيف لا ينسجم مع كرامة الانسان باعتباره اسلوبا بدائيا غير متحضر و جريمة يعاقب عليها القانون فالعنف لا يولد إلا العنف مما يؤدي إلى تنامي جذور الشر . ثم إن العلم لم يثبت إلى يومنا وجود جينات مسؤولة عن العنف بحيث تجعله غريزيا. كما ان العنف الديني ناتج عن اخراج دين ما عن مقاصده و عن حدود العقل و استغلاله من طرف تجار و سماسرة الدبن ليتحول إلى راية لسفك الدماء 

عرض نقيض الاطروحة: يرى بعض الباحثين ضرورة توجيه الانسان نحو التسامح كثقافة لاحتواء الآخر و قطع جذور الشر فالتسامح هو الانسجام داخل الاختلاف و لا معنى له في وجود النمطية و المماثلة في الأفكار و العقائد فيكون التسامح بهذا المعنى هو تجنب الفرد التدخل العنيف في افعال و معتقدات الآخرين حتى و إن كانت تبدو غير صحيحة و قد تجسدت فكرة التسامح في العصر اليوناني حيث يرى سقراط أن الناس مخلوقات غير معصومة عن الخطأ و محدودة القدرات لذا لا بد من التسامح مع اصحاب الافكار المختلفة من خلال خوض النقاشات و الحوار لتوسيع آفاق التفكير و السعي للحقيقة و نفس الطرح نجده عند أرسطو الذي يعتبر التسامح فضيلة تسمح بالاتفاق او الاختلاف مع الآخر على اساس اخلاقي بحت و في العصر الحديث يرى الفيلسوف الانجليزي جون لوك أن التسامح سياسة عامة تقدم بموجبها الحكومات بالسماح لكل فرد يخضع لسلطتها بممارسة معتقداته الدينية بكل حرية و بشكل علني ما دام لا يتسبب في أذى المجتمع و يرى الفيلسوف الالماني ايمانويل كانط ان التسامح فضيلة شخصية و مدنية و سياسية أساسها نبذ العنف و الاحترام القائم على الاعتراف للآخر بالمساواة و الحرية و يؤكد برتراند راسل أن التسامح ضروري لاستمرار الانسان في العيش لأنه يعلمنا كيف نقبل الامور التي لا نتفق معها مما يسمح بتحقيق التعايش و تظهر أهمية التسامح في المجتمعات المتعددة الثقافات التي تحفل بالاختلاف في انماط المعيشة و التفكير و تنوع العقائد فمن الضروري نبذ التعصب الذي يقود إلى العنف و في هذا الصدد يقول فولتير " الحق في التعصب حق عبثي و همجي إنه حق النمور و إن فاقه بشاعة" 

لقد كتب فولتير عن الحروب الدينية المسيحية الطاحنة فيقول " لقد أفنينا بعضنا من أجل مقاطع وردت في هذا النص أو ذاك" . و يعتبر ان التسامح مبدأ لقانون الوجود الانساني و ان المبدأ الاول للطبيعة هو التنوع في مجال الحياة الانسانية و قبول هذا التنوع حق اساسي للوجود و تعتبر الرسالة المحمدية على غرار جميع الرسالات السماوية السابقة داعية لأسمى معاني التسامح من خلال آيات صريحة واضحة كقوله تعالى " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن " و قوله تعالى " لا إكراه في الدين" و قد جسد النبي الأعظم هذا التسامح في تديشينه لأول مجتمع مدني في المدينة المنورة و الذي تقاسم فيه العيش المؤمنون و الكفار و المشركون و اليهود و قد أقر الله في كتابه بوجود الاختلاف بين الناس في قوله " و لو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين "

النقد : صحيح أن التسامح كثقافة يعمل على احتواء المواقف التي قد يؤدي التصعيد فيها إلى نتائج وخيمة و يسمح بالبحث عن حلول سلمية لكن ظروف الواقع قد تضع الانسان في مواضع خنوع و انحطاط إذا لم يستعمل العنف خاصة إذا تعلق الامر بالتحرر من العبودية و الاستعمار و الاعتداءات ثم إن التسامح إذا كان مطلقا و غير مشروط فإنه سيؤدي بالطرف الآخر إلى التمادي و بالتالي يخسر التسامح قيمته كفضيلة.

التركيب : انطلاقا من هذا التحليل يمكننا القول أن الحكم على العنف يكون من الزاوية و من الموقع الذي يكون فيه الفرد و لأن اضرار العنف اكثر من فوائده فلا بد من توجيه الفرد نحو ثقافة التسامح الذي يعكس القدرة على التعايش مع الآخرين و تقبل انماط سلوكهم حيث تبرز الحاجة إلى التسامح بهدف الوصول إلى التفاهم و الاتفاق حول المسائل الخلافية دون اللجوء إلى العنف أو الإقصاء و قد سمح التنزيل الحكيم باستخدام العنف في حالة واحدة فقط و هي حالة التعرض لاعتداء حيث يقول الله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" و قوله " و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " و هذا الوضع هو الاكثر ملاءمة مع الطبيعة الإنسانية فاستخدام العنف في هذه الحالة يحفظ التسامح و يكرسه و يقيده حتى لا يضيع كقيمة أخلاقية.

حل المشكلة: نستنتج أن حركة التنافر و التجاذب بين الناس قد تطغى عليها مظاهر العنف و هذا الوضع يقتضي مقدارا كبيرا من التسامح لمنع ما قد يسفر عنه العنف من نتائج كارثية و في هذا الصدد يقول الزعيم الهندي الماهاتما غاندي " العنف و اللاتسامح صفقة خاسرة لأنهما ضد الفطرة الإنسانية " و عموما فإن استخدام العنف أو التسامح يجب أن يكون مرهونا بالحكمة و الفضيلة.حتى يتمكن الانسان من معالجة الوضع بالشكل الصحيح.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة
 
أفضل إجابة
مقالة جدلية حول العنف والتسامح

هل تبرير العنف ينفي التسامح كقيمة أخلاقية

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى الحل المفيد، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...