تحليل قصيدة ذكرى المولد احمد شوقي الاتجاه الاحيائي
هلاً بكم طلاب وطالبات في موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي يسرنا أن نطرح بين يديكم إجابة السؤال القائل. شرح وتحليل قصيدة ذكرى المولد احمد شوقي الاتجاه الاحيائي
تحليل قصيدة ذكرى المولد احمد شوقي الاتجاه الاحيائي
وتكون اجابتة الصحية والنموذجية للسؤال هي
تحليل قصيدة ذكرى المولد احمد شوقي الاتجاه الاحيائي
القصيدة
سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا
وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا
وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَومًا" تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا
"
وَلَو خُلِقَتْ قُلوبٌ مِن حَديدٍ لَما حَمَلَتْ كَما حَمَلَ العَذابا
فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا
فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللهِ حُكمًا وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا
وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا
نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلاً وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا
وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ انتِسابا
"
#مقدمة
لم يحافظ الشعر العربي على مستواه الذي عرف به في عصور ازدهاره التي امتدت لفترات طويلة، إذ دخل نفق الانحطاط الذي لم يصب الشعر فقط بل أصاب مختلف مناحي الحياة العربية،فأصبح التكلف و الصنعة و الركاكة سمات تميز القصيدة في هذا العصر. وقد شغل موضوع الخروج من الانحطاط اهتمام العديد من الشعراء خاصة أواخر القرن التاسع عشر فحاولوا إعادة الهيبة و الاعتبار للشعر العربي عن طريق تقليد و محاكاة النموذج القديم و السير على منوال القدامى في نظم الشعر، و✔✔ انبرى لهذا الغرض كل من محمود سامي البارودي وحافط ابراهيم واحمد شوقي صاحب هذا النص قيد التحليل✔✔ ، فإذا لاحظتنا الشكل الطباعي لقصيدته المنظومة و فق نظام الشطرين المتناظرين، و ما يحيل عليه كل من البيت الأول و الأخير من دلالات ترتبط بالتراث الشعري القديم ، و العنوان الذي فيه إشارة إلى تيمة المدح كغرض شعري قديم نفترض أن الشاعر سيسير على نهج القدامى ، وسيخصص قصيدته لمدح المصطفى صلى الله عليه و سلم.
فأين تتضح إذن معالم هذا التقليد في هذه القصيدة؟
و إلى أي حد بقي الشاعر و فيا لكل ما هو قديم؟
بعد قراءة النص نجد أن القصيدة مخصصة لمدح الرسول صلى الله عليه و سلم ،حيث استهلها الشاعر بمقدمة و وجدانية كشف فيها عن معاناته مع الجمال الذي افقده صوابه مما جعل قلبه يتحمل ألما لم تستطع تحمله قلوب أخرى و إن خلقت من حديد.
و بعد هذه المعاناة مع أثار الجمال انتقل الشاعر لإبراز حنكته و تجربته في أمور الحياة، مبينا تمرسه بتقلبتها ،ليخلص إلى أن الاقتناع بحكم الله و الالتجاء إليه يبقى السبيل نحو البر و الفضل الكبير، و في الأخير يصل الشاعر إلى غرضه الأساس الذي هو مدح الرسول صلى الله عليه و سلم ، مبينا ما يتحلى به عليه السلام من صفات البر و الإحسان، و انه هدى الناس و أخرجهم من الظلمات إلى النور . كما أنه عليه السلام كان ناصرا للحق. و بفضل هذا المدح بلغ الشاعر أعلي المراتب.
امتازت القصيدة ببراعة الاستهلال و حسن التخلص، و اتسمت بتعدد الأغراض و الموضوعات على غرار الشعر القديم.
✔معجميا فالقصيدة يهيمن عليها ثلاثة حقول دلالية، أولها يرتبط بالمعاناة و من ألفاظه:( سلا-ثاب- قلوب من حديد- توالى الدمع-عتابا-سألت القلب-حمل العذاب....) أما الثاني فيدل على الدنيا و من العبارات الدالة عليه:(يغتر بالدنيا- أبليت الثياب- حكم الله- و أن البر-...) والثالث خاص بالمدح و نمثل له بالألفاظ التالية:(نبي البر-ابا الزهراء-سن خلاله-بينه سبيلا...)
و الواضح أن بين هذه✔✔ الحقول علاقة ترابط ،إذ كشفت عن الحالة الشعورية و النفسية للشاعر، فقد جعل من المعاناة و خبرته بأمور الدنيا منصة و عتبة للوصول إلى الرسول صلى الله عليه و سلم حتى يكون أهلا لمدحه.أما اللغة فقد حافظت نسبيا على جزالتها و صلابتها.
و بالنسبة للجانب التصويري فقد استوحى الشاعر الصور الفنية من الأساليب البلاغية القديمة القائمة على علاقتي المشابهة و المجاورة و في مقدمة هذه الأساليب نجد الاستعارة في قوله(تولى الدمع) و في قوله(حمل العذاب) إضافة إلى المجاز في قوله( سلوا قلبي) و قوله( هدى الشعاب).
و قد كانت لهذه الصور وظيفة جمالية تزيينية و حافظت على طابعها الحسي و المادي و التصويري.
و إذا تحدثنا عن الإيقاع نميز بين إيقاع خارجي حافظ فيه الشاعر على ديباجة القصيدة القديمة معتمدا على نظام الشطرين المتناظرين و بيت مصرع في مطلع القصيدة ، أما الوزن فقد نظم الشاعر قصيدة على بحر الوافر
(مفاعلتن مفاعلتن فعولن) و قد دخل زحاف العصب على النسق الإيقاعي لهذا البحر مما يعكس الحالة النفسية للشاعر، أما⤴ القافية فجاءت بدورها موحدة و هي قافية مطلقة تمثلها لفظة ثابا في البيت الأول ، و⤴ جاء الروي كذلك موحدا و هو صوت( الباء) المجهور.
أما ⤴الإيقاع الداخلي فيتعزز بتكرار مجموعة من الألفاظ مثل(القلب-صواب-حكم-حمل-الله...) و يحضر التوازي كذلك في البيت السادس(فلم أرى غير حكم الله حكما...) وهو ⤴توازن صرفي تركيبي و هو نفس التوازي الذي نجده في البيت التاسع.
كما أن حضور بعض المحسنات البديعة أعطى للقصيدة جرسا موسيقيا متناغما مثل الجناس( سلوا/سلا- البر/البر- ثابا/ثوابا –سبيلا/سبلا...) و هكذا كان لإيقاع القصيدة وظيفة تأثرية جمالية و كشف أيضا عن نفسية الشاعر.
و نخلص في الأخير إلى أن قصيدة ذكرى المولد لأمير الشعراء احمد شوقي قصيدة إحيائية حافظت على الكثير من مقومات الاتجاه الإحيائي مضمونا و شكلا،فأما المضمون فالشاعر بقي وفيا للأغراض التقليدية و جاءت قصيدته مدحية ،استعرض فيها بعضا من مكارم و مزايا الرسول صلى الله عليه و سلم ،بعد ان عرض معاناته و تجريته في الحياة، أما الشكل فقد استوحى الشاعر معجمه من التراث المعجمي القديم في حين ان الصور الشعرية حافظت على طابعها المادي الحسي، و لم يخرج الإيقاع عن هذا المنحى اذ تميزت القصيدة بوحدة الوزن و القافية و الروي.
و نؤكد من خلال هذا التحليل على صحة فرضيتنا السابقة بكون شوقي واحد من رواد الشعر الإحيائي هذا الشعر الذي يرجع له الفضل في إعادة الهيبة و القيمة لعمود الشعر العربي بعد فترات الانحطاط
.