خطبة بعنوان أسباب الرزق بالايمانية والدين
خطبة استرشادية ملتقى الخطباء أسباب الرزق
الخطبة الجمعة بــــعنــــــوان
: أسباب الـــرزق الإيمانيةُ الــــدينيةُ
الحمد لله ربِّ العالمين،ضَمِنَ الرِّزْقَ للمؤمن والكافر،الحمد لله الذي يُعطي الدنيا مَن يحب ومَن لايحب،ولا يُعطي الدينَ إلا مَن يحب،بَسَطَ رِزقَنا وجمع فُرْقَتنا ولَمَّ شملَنا،فله الحمدُ حمدا كثيرا طيباً مباركا فيه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،أثنى على عبادِه الشاكرين ووصفهُم بأنهم الأقلُّون فقال:وقليلٌ من عبادي الشكور،وأشهد أن نبيَّنا محمداً عبدُ الله ورسولُه إمامُ المتقين،فصلى الله عليه وسلَّم وعلى آله وصحْبه أجمعين،أما بعدُ فيا أيها المؤمنون:إن العبدَ إذا أيقنَ أن الرزقَ بيد الله وأنه سيأتيه لا محالة سَيَتَفَرَّغُ لأداء العبادة التي خلقه الله من أجلها،وهي العبادةُ بمفهومها الشامل،أيها الإخوة المؤمنون:إن الله سمَّى نفسَه الرَّزَّاق: أي كثيرُ الرزق فقال:إن الله هو الرزاقُ ذو القوةِ المتينُ،بل هو سبحانه وتعالى خيرُ الرازقين:وإن الله لهو خير الرازقين،كيف لا يكون خيرَ الرازقين وهو الذي يُرسلُ الملَكَ بعد مُضْيِ أربعةِ أشهُر وبضعةِ أيامٍ إلى رحِمِ المرأة فينفُخُ في الجنين الروحَ ويُؤمرُ بكتْب رزقه،فالرزقُ مقدَّرٌ معلوم،والإنسانُ في بطن أمه لم يَكتمل بناءً أو تَشْكيلاً، فلا يزيد رزقُه عند خروجه على ما كُتِبَ ولا يَنقص،رُوِي عن عبد الله بن مسعودٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إِن رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا،أَلَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ،وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللَّهِ،فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ،فهناك أيها الأحبةُ أسبابٌ دينيةٌ إيمانيةٌ تساعد العبدَ في تحصيل رزقه،فهذه الأسبابُ الإيمانية الدينية،لا يَذوقُ طعمَها ولا يعرف حلاوتَها إلا مَن وحَّدَ الله،فما هي هذه الأسباب؟أمَّا الأسبابُ المادية فإنها معلومةٌ للجميع،ولكنَّ الذي أَوَدُّ أن أؤكِّدَ عليه،أن الأسبابَ الإيمانيةَ الدينيةَ غفَل عنها كثيرٌ من المسلمين،ومن أعْظَم وأهَمِّ هذه الأسباب:التوكُّلُ على الله،قال تعالى:وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ،أي فهو كافيه،تدبروا هذا،فوالله لو تدبَّرَ الناسُ هذا ما أكل الحرام مَنْ أكَلَ،وما ارْتَشى مَنِ ارتشى،وما قَتَلَ مَنْ قَتَل،وما سَرَقَ مَنْ سَرَقَ إلا وهو جاهلٌ بحقيقَة التوكُّلِ على الله،وفي الحديث يقول الحبيبُ المصطفى صلى الله عليه وسلم،لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ،تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا،رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ،ومن أسباب الرزق الإيمانيةِ الدينية:مُداومَةُ الاستغفارِ والاستقامةُ على منهج العزيز الغفار،وفي الحديث الذي رواه أحمدُ في مُسنَدِه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا،وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا،وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ،رَوَاهُ أحمدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه،وقال تعالى:وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا،أي لوِ استقاموا على منهج الله تعالى وعلى أوامرِه وحدودِه،لرزقَهُم الله تبارك وتعالى رِزْقاً واسعاً طيباً،عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ،وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ بِالْغَنَاءِ،إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِلٍ أَوْ غِنًى آجِلٍ،رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ،وفي الحديث الذي رواه أبو داودَ بسندٍ صحيحٍ من حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ،وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةَ،رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ،ومن أسباب الرزقِ الإيمانيةِ الدينية:الانشغالُ بالطاعة والعبادة لله جَلَّ جلالُه،قال تعالى:وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ،مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ،إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ،وفي الحديث القدسيِّ الجليلِ الجميلِ الذي رواه الترمذيُّ وابنُ ماجةَ بسندٍ صححه الألباني في السِّلْسِلَة الصحيحةِ من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:ابْنَ آدَمَ:تَفْرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ،وَإِنْ لَا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَكَ شُغُلًا وَلَمْ أسُدَّ فقرك،رَوَاهُ أَحْمد وَابْن مَاجَه،اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين،آمين والحمد لله رب العالمين،،،
الخطبـــة الثـانية:
أسباب الـــرزق الإيمانيةُ الــــدينيةُ
الحمد لله القويِّ المتين،الملِكِ الحقِّ المبين،وأشهد أن لا إله إلا الله،فإياهُ نعبد وإياهُ نستعين،وأشهد أن محمدا عبدُه ورسولُه سيد المرسلين وإمامُ المتقين،اللهم صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين،وعلى التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،أما بعد:فمن أسباب الرزق الإيمانيةِ الدينية:التقوى،قال تعالى:وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا،وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ،فما هي التقوى؟التقوى هي أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثوابَ الله،وأن تَترُكَ معصيةَ الله على نورٍ من الله تخشى عقابَ الله، ومن أسباب الرزق الإيمانيةِ الدينية:صلةُ الرَّحِم،وأعظمُ الصلة بِرُّ الوالدين،قال تعالى:وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ،وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَره فَلْيَصِلْ رَحمَه،ومن أسباب الرزق الإيمانيةِ الدينية:الإنفاقُ في سبيل الله،قال تعالى:وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ،وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ،وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ،يا لها مِنْ عظمة!أن يُنفِقَ عليك صاحبُ الخزائن التي لا تَنْفَذ!وفي الصحيحين من حديث أبي هريرةَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا:اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا،وَيَقُولُ الْآخَرُ:اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا،ومن أسباب الرزق الإيمانيةِ الدينية:الشُّكْر،قال تعالى:وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ،قال ابْنُ القيمِ رحمه الله تعالى:الشُّكْرُ هو الحافظُ والجالِبُ،هو الحافظ للنعم الحالية،والجالبُ للنِّعَم المستقْبَلِيَّة،فالشكرُ يدور على اللسان بأن تشكرَ الله بلسانِك،وعلى الْجَنَانِ بأن تشكرَ الله بقلبك،وعلى الجوارِح والأركان بأن تَشْكُرَ الله بجوارحك،أي بامتثالِك للأوامر واجتنابك للنواهي،وَوُقوفِك عند حدودِ الله جَلَّ وعلا،هذه حقيقةُ الشكر أيها الأحبة الكرام،هذه بعضُ أسبابِ الرزق الإيمانيةِ الدينيةِ التي لا يَذوقُ طَعْمَها ولا يَعرفُ حلاوتَها إلا مَنْ وَحَّدَ الله جَلَّ جلالُه،أسأل الله أن يَرزُقَنا وإياكم من فضله،إنه ولي ذلك والقادرُ عليه،آمين،وأكثروا من الصلاة والتسليم على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين،اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته أجمعين،وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين،أبي بكر وعمرَ وعثمان وعلي،وعن باقي الصحابة الكرام أجمعين