مقال حول عوامل الإدراك
#ملخص قصير مقالة عوامل الإدراك
وهي كالتالي
#طرح_المشكلة : اذا كان الإدراك عملية نفسية معقدة ، يتعرف الإنسان من خلالها على العالم الخارجي ، فقد دار جدل وصراع كبير بين زمرة من الفلاسفة والمفكرين حول عوامل الإدراك ، فمنهم من يرى ان الإدراك يعود إلى عوامل ذاتية ومنهم من يرى أن الإدراك يعود إلى عوامل موضوعية ، وعلى اثر هذا التناقض يمكننا طرح الإشكال او التساؤل التالي : هل الإدراك يعود إلى فاعلية الذات أم الموضوع ؟ أو بعبارة أدق :
هل الإدراك محصلة للعوامل الذاتية ام هو مجرد تصور للبنية الخارجية للأشياء ؟
#محاولة_حل_المشكلة :
#الموقف_الأول : يرى انصار هذا الموقف بزعامة كل من (ديكارت وباركلي وآلان ) ان الإدراك يعود إلى العوامل الذاتية المتعلقة بالحالة العقلية والنفسية والجسمية للإنسان كالتخيل والذكاء ، الذاكرة والإنتباه وغيرها .. ، وهي عوامل يمكن من خلالها تفسير التباين الحاصل على مستوى إدراكات الأشخاص للموقف الواحد ، ولقد قدم انصار هذا الموقف بعض الحجج والبراهين لتبرير موقفهم من بينها : أن الإدراك عملية عقلية ذاتية لا دخل للموضوع المدرك فيها ، حيث أن إدراك أي شيء ذو ابعاد يتم بواسطة أحكام عقلية نصدرها عن تفسير المعطيات الحسية ، لذلك فالإدراك نشاط عقلي تساهم فيه عوامل ووظائف عقلية عليا ، وايضا الخبرة والذاكرة تجعلنا ندرك الأشياء في ضوء ما مر بنا من تجارب ، ويترتب على ذلك أنه كلما كانت الأشياء التي ندركها في الوقت الراهن تقع في اطار خبرتنا السابقة يسهل علينا إدراكها ، كما أن للشعور والحالة النفسية وما يرتبط بها من ميول ورغبات وأهواء وعواطف تأثير على عملية الإدراك ، ونجد من العوامل الذاتية كذلك عامل العاطفة ، والسن وكذلك المستوى الثقافي للإنسان .
#النقد : رغم أنه من الصحيح أن للعوامل الذاتية دورا في عملية الإدراك ، إلا أن هذه العوامل وحدها لا تكفي ، فالعقل وحده لا يؤدي إلى الإدراك ، كما أن بعض الأشياء يصعب إدراكها رغم توفر كل العوامل الذاتية .
#الموقف_الثاني : يرى أنصار هذا الموقف وهم رواد المدرسة الجاشطالتية بزعامة كل من ( كوفكا وكوهلر ) أن الإدراك يتوقف على فاعلية الموضوع وبنيته الخارجية ، فطبيعة الشيء المدرك هي التي تحدد درجة إدراكنا ، مما يعني أن إدراك الأشياء عملية موضوعية وليس وليد أحكام عقلية تصدرها الذات ، ولقد قدم انصار هذا الموقف جملة من الحجج من بينها : أن العالم الخارجي منظم وفق عوامل موضوعية وقوانين معينة هي "قوانين الإنتظام " ومن هذه القوانين :
#قانون_الشكل_والأرضية: إدراك الشكل قبل الأرضية
#قانون_الانتظام: الانسان يدرك الأشياء المنظمة
#قانون_البروز: الانسان يدرك الأشياء البارزة
#قانون_الإغلاق: لأن الإنسان في إدراكاته يميل إلى سد الثغرات أو النقائص او التغاضي عنها
#قانون_التشابه: معناه أن الأشياء المتشابهة في الحجم والشكل واللون نميل إلى إدراكها كصيغ متميزة عن غيرها
#قانون_التقارب : والذي فحواه أن الأشياء المتقاربة في الزمان أو المكان يسهل علينا إدراكها كصيغة متكاملة
#النقد: رغم ما قدمه انصار هذا الموقف من حجج إلا أن هذا الطرح يجعل من الشخص المدرك آلة تصوير ، أو مجرد جهاز استقبال فقط مادامت الموضوعات هي التي تفرض نفسها عليه ، مما يجعل منه في النهاية مجرد متلقي سلبي منفعل لا متفاعل .
#التركيب : رغم الصراع والإحتدام القائم بين الموقفين إلا أنه في الحقيقة يمكن القول : أن عملية الإدراك تتأثر بعوامل كثيرة منها ما يرتبط بطبيعة الشخص المدرك ، ومنها ما يرتبط بطبيعة الشيء المدرك ، ولن يتم الإدراك إلا من خلال تحالف الشروط الذاتية مع الشروط الموضوعية وهذا ماذهبت إليه المدرسة الظواهرية التي ترى أن الإدراك عملية متعددة الأبعاد فهو قائم على التفاعل بين الذات و الموضوع ، وهكذا يغدو وعي الانسان فعلا موجها نحو الخارج ، وعليه فلا موضوع دون ذات ، فكل إدراك هو شعور بموضوع ما ، يقول هوسرل ( لا شعور إلا بموضوع ) ويقول ميرلوبونتي ( فكل شعور هو شعور بشيء ما )
#حل_المشكلة : وفي الاخير نستنتج أن الإدراك من الوظائف شديدة التعقيد ، وهو عملية تساهم فيها جملة من العوامل بعضها يعود إلى نشاط الذات وبعضها الاخر يعود بنية الموضوع ، على اعتبار أن هناك تفاعل حيوي بين الذات و الموضوع ، فكل إدراك هو إدراك لموضوع ، لذلك يمكننا القول أن الإدراك يعود إلى تفاعل مزدوج.