تحليل نص البحار المتقاعد نص قرائي وتطبيقي ل قصيدة البحار المتقاعد سنة ثانية باك
ملخص السنة الثانية بكالوريا
تحضير وشرح نص البحار المتقاعد
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid.com) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....تحليل نص البحار المتقاعد نص قرائي وتطبيقي ل قصيدة البحار المتقاعد سنة ثانية باك
الحل هو
المكون: نص قرائي / تطبيقي
الموضوع: البحار المتقاعد
المرجع: في رحاب اللغة العربية
تقديم
إذا كانت القصة القصيرة جنسا أدبيا وشكلا سرديا حديثا ظهر خلال مطلع القرن العشرين في الأدب العربي، نتيجة لمجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية، فإنها استطاعت رغم صِغر سِنها أن تجعل لنفسها مكانة سامية بين مختلف الفنون التي عرفها الأدب العربي؛ خاصة وأنها تتسم بالمرونة في التعبير عن تفاعلات الحياة اليومية ومشكلاتها، بل وتتميز بالقدرة على نقل تفاصيل هذه الحياة وتصوير ما يقع في المجتمع بدقة كبيرة من خلال كشفها عن جوانبه الخفية وإبراز صراعاته الداخلية بين مختلف شرائحه، مواكبةً بذلك روح العصر ومستجداته. وقد مثل هذا الفن الجديد مجموعةٌ من القصاصين الكبار من بينهم" أحمد بوزفور " "زكريا تامر" "عبد الكريم غلاب" "يحي حقي" و"محمد ابراهيم بو علو" الذي استطاع ببراعته الأدبية وموهبته الإبداعية أن يشخص في مجموعاته القصصية واقع المجتمع الذي كان يعيشه، ومما لا شك فيه أن النص الذي نحن بصدد دراسته يعد واحدا من إبداعاته المتفردة في هذا المجال، من هنا يحق لنا أن نتساءل فنقول:
ما طبيعة المضمون الذي يعرضه هذا النص؟ وما الرهان الذي نسج على أساسه هذا المتن الحكائي؟ وإلى أي حدٍّ استطاع الكاتب أن يَتَمثَّلَ الخصائص الفنية والأسلوبية لفن القصة.. ؟
الملاحظة
- دلالة العنوان
ورد عنوان النص مؤلفا من كلمتين اثنتين تجمع بينهما علاقة الصفة بالموصوف، إذْ تُعرب الأولى منهما "البحار" خبرا لمبتدإ محذوف تقديره "هذا" أو "هو" مع جواز أن تكون مبتدأً لخبر يحدده متن النص، أما الثانية "المتقاعد" فقد جاءت نعتا تابعا لمنعوته.. وهو تركيب يحيل في عمومه على رجلٍ يشتغل في البحر لكسب قوت عيشه عن طريق الصيد أو غيره، وتشير كلمة المتقاعد الى من توقف عن العمل بعد تقدمه في السن وما يرافق ذلك من دلالات على الوهن والكسل والموت السريع، فهل سيعكس العنوان بهذه الدلالة مضمون النص؟
- فرضية القراءة
انطلاقا من الؤشرات النصية الدالة، من قبيل؛ العنوان ودلالته، وصاحبه.. ومصدره.. وما جاء في بدايته ونهايته، واستنادا كذلك إلى حجمه وشكله الطباعي.. نفترض أن النص - قيد الدرس- قصة أدبية، يعالج فيها صاحبها موضوعا اجتماعيا يتعلق ببحار متقاعد يزور البحر باستمرار لحاجة في نفسه.. فإلى أي حد ستصح هذه الفرضية..؟
الفهم
تروي القصة حكاية بحار متقاعد يصطحب حفيده كل مساء إلى شاطئ البحر، فَيمْكُثَا فيه ساعات طويلة دون أن يسمح الجد لحفيده باللعب في الرمال أو في مياه الشاطئ بدعوى أن البحر لا يؤتمن جانبه، وهذا ما جعل الحفيد يتضايق من هذا الأمر ويطلع أباه على ذلك، لكن الأب لم يُعِر الأمر اهتماما كبيرا، بل طالب من الحفيد تفهم الجد وعدم مضايقته، ليضطر الحفيد بعد ذلك الى البوح بسر كان يحتفظ به لنفسه، يتمثل في كَون الذهاب إلى البحر ليس نوعا من الترفيه أو التسلية، بل هو من أجل انتظار سفينة ستلوح في الأفق، تأتي بأصدقاء الجد وترسو بالقرب من الشاطئ، وهو ما جعل الأب يشعر بالقلق، ويستدرج ابنه للكشف عن أسرار الجد الخفية، ليعلم في الأخير أن أباه يجلس مع ابنه وينتظران معا قدوم سفينة، لكنها عندما لا تصل يبكي الجد ويعود لمنزله حزينا، لتنتهي القصة بقلق الأب وتأسفه لقساوة البحر على أبيه.
- المتواليات السردية:
يمكن تقسيم أحداث هذه القصة الى ثلاث متواليات سردية هي كالآتي:
+ المقطع الاستهلالي: سير يومي للحفيد مع الجد الى البحر وتطلعهما إلى الأفق البعيد.
+ المقطع الأوسط: يتعلق هذا المقطع بالحوار الذي دار بين الأب وابنه حول سبب ذهاب الجد إلى شاطئ البحر كل مساء.
+ المقطع النهائي: فيه افشاء الحفيد سر جده وحزن الأب على قسوة البحر على الجد.
التحليل
- الخطاطة السردية:
+ وضعية البداية:
مرافقة الحفيد جده إلى الشاطئ كل مساء ووقوفهما أمامه مدة من الزمن قبل غروب الشمس.
+ وضعية الوسط: سيرورات التحول
~ الحدث الطارئ:
سؤال الحفيد لأبيه عن سبب اصطحاب جده له إلى الشاطئ كل مساء.
~ تطورات الأحداث:
- حث الأب لابنه بعدم مضايقة الجد
- اخبار الابن لأبيه أن جده ينتظر قدوم سفينة
- احساس الابن بقلق ابيه
- طلب الأب من ابنه الانقطاع عن مرافقة الجد
- كشف الطفل سر جده
︎~ النتيجة:
حزن الأب وبكاؤه كما يبكي الجد كل مساء.
+ وضعية النهاية:
انصراف الأب عن ابنه (الطفل) معلنا عن قساوة البحر على ابيه (الجد).
- جرد القوى الفاعلة " الشخصيات" :
تتفاعل داخل النص ثلاث شخصيات، هي كالآتي:
* الجد: بحار متقاعد، رجل مسن، مولع بالبحر، حزين، قلق، مكتئب، لا يأتمن البحر..
* الأب: رجل في مقتبل العمر، منشغل عن أبيه بالعمل، غير سلطوي، متواصل مع ابنه، حزين لما أصاب أباه..
* الطفل: الحفيد، صغير السن، محب للبحر ولجده، كتوم، ذكي..
- النموذج العاملي
+ العامل المرسل: الشوق
+ العامل المرسل إليه: الحفيد
♤
+ العامل الذات: الجد
+ العامل الموضوع: السفينة
+ العامل المساعد: الحفيد، البحر، الذاكرة
+ العامل المعارض: غروب الشمس، الخوف.
تجمع بين مكونات النموذج العاملي ثلاث علاقات رئيسة:
* علاقة تواصل: تجمع بين العامل المرسِل والعامل المرسَل إليه.
* علاقة رغبة: تجمع بين العامل الذات والعامل الموضوع.
-علاقة صراع: توجد بين العامل المساعد والعامل المعارض.
- الفضاء المكاني
توزع المكان في القصة بين فضاءين هما كالآتي:
+ المنزل: يحيل على الانغلاق والملل والوحدة بالنسبة للجد، الأمر الذي جعله يلجأ إلى الشاطئ باعتباره مكانا مفتوحا يشعر بالانتشاء ويحرك الخواطر والذكريات..
+ الشاطئ: يُشكل مركز الثقل في النص لما يحمله من ذكريات للجد، كانت تتراوح بين الهدوء والمغامرة والبطولة والمأساة والخوف..
- الفضاء الزماني
ينقسم الزمن داخل القصة إلى أنواع عدة، لعل أبرزها:
+ الزمن الخارجي: ويقصد به زمان الكتابة وقد أشير إليه في الهامش ( 1978)
+ الزمن الداخلي: ويراد به الزمن الذي أطر أحداث القصة، وهو على نوعين؛ الزمن الخاص، ومثاله في النص ( المساء، غروب الشمس..) وهو من يحيل على الحزن والشجن.. وعام ( فلكي) يتجلى في التداخل بين الماضي والحاضر، ومن أمثلته في النص ( كان، يتطلعان، قال، لا تأتي... )
+ الزمن النفسي؛ ويتعلق بالتغيرات النفسية التي تطرأ على شخصيات النص، مثل تضايق الحفيد، وحزن الجد والأب معا بعد حالة الاطمئنان التي كانوا يعيشونها جميعا...
- بنية السرد
يعرض أحداث هذه القصة سارد غائب ومحايد، لكنه شاهد على كل ما يقع ويحدث، وذلك وفق رؤية سردية تهيمن عليها الرؤية المصاحبة التي تتخللها من حين لآخر الرؤية الأخرى التي هي من الخلف، ومن أمثلتها في النص نشير إلى قول السارد: ( يفكرني في شيء... يظهر أن الحفيد يتضايق... )
- بنية الوصف
يلعب الوصف دورا أساسيا في بناء النص القصصي، ويتم ذلك انطلاقا من مجموعة من الوظائف المختلفة التي يضطلع بها، من أبرزها؛ تكسير رتابة السرد والتخفيف على القارئ من عناء تتبع الأحداث، فضلا عن تقريب القارئ من التفاصيل الدقيقة للموصوفات.. وهو يتفرع بشكل عام إلى نوعين هما:
+ وصف خارجي: مثاله في النص: الأفق البعيد، الامواج المتلاطمة...
+ وصف داخلي: من أمثلته قول السارد: لما أنت حزين هكذا..؟ جدي يصيبه حزن شديد..
- بنية الحوار
استعان الكاتب في سرد مادته الحكائية بأسلوب الحوار ليكشف به عن العالم الداخلي لشخصياته، وليوهم به كذلك بواقعية الأحداث، ويمكن رصد تجلياته في النص على المنوال الآتي:
+ حوار خارجي: يؤشر عليه الكلام المتبادل بين الطفل وأبيه حول سبب ذهاب الجد إلى شاطئ البحر..
+ حوار داخلي: تجريه الشخصية مع نفسها بغية الكشف عن عالمها الداخلي وما تفكر فيه أو تشعر به، ومن أمثلته في النص قول السارد: " كان مرارا يسترق إليه النظر، متسائلا عن إمكانية الحديث إلى جده.."
- البعد النفسي في القصة
تكشف قصة البحار المتقاعد عن جملةٍ من الأوضاع النفسية، تؤطرها التيمات الآتية:
* تيمة الوجود: تتجلى في الانكسار والقلق الذي أصاب الجد وهو يعيش مرحلة التقاعد.
* تيمة الترقب والانتظار: تظهر من خلال الحزن والبماء واجترار ذكريات الماضي.
* تيمة الإقصاء والتهميش: تتمظهر من خلال قضية صراع الأجيال وصعوبة التواصل بينها.
- البعد الاجتماعي في القصة
يتجلى في تصوير معاناة بحار متقاعد، لا يزال يجتر ذكريات الماضي ويَحِن إلى البحر الذي قضى فيه سنوات عديدة من عمره، جعلته يداوم على زيارته كل مساء مصحوبا بحفيده الذي يشاركه لعبة الانتظار، فضلا عن الصراع الذي قد يحدث بين الأجيال بسبب قلة أو انعدام التواصل بينهم، مع الإشارة إلى قيمة الصداقة والوفاء وأهميتهما في الحياة..
- بنية الأسلوب
توسل الكاتب في عرض مادته القصصية بلغة عربية فصيحة خالية من العامية او التهجين، وقد ضمنها مجموعة من الرموز التي تحمل في طياتها دلالات عميقة، وهو ما جعلها تتسم بالإيجاز والاختزال تماشيا مع طبيعة الكتابة القصصية الحديثة، أما الأسلوب فقد زاوج فيه بين ما هو خبري وما هو إنشائي، حيث أخبر بالأول عن وضعية الجد وما دار بين الطفل وأبيه، وعبر بالثاني عن الحالات الإنفعالية التي كانت تنتاب شخصياته داخل القصة..
التركيب
ختاما نخلص إلى القول بأن نص "البحار المتقاعد" يمثل إلى حد كبير سمات الفن القصصي الحديث، سواء من حيث المضمون، أو من حيث الخصائص الفنية والأسلوبية، فهو من جهة يعالج ظاهرة اجتماعية حديثة تتعلق بالتقاعد وما يشعر به المتقاعدون من فراغ وشوق وحنين إلى الماضي.. ومن جهة أخرى فإنه يقوم على وحدة الحدث وتقارب الشخصيات ومحدودية النظام الزماني والفضاء المكاني، فضلا عن اتصافه بمميزات فنية جديدة مثل؛ السرد الذي تهيمن عليه الرؤية المصاحبة عبر ضمير الغائب، والوصف الذي تعايش مع الحوار في إبراز ملامح الشخصيات وكشف دواخلها، وقد تم هذا بلغة رمزية فصيحة أطرتها بنية أسلوبية محكمة مكنت الكاتب من تسليط الضوء على معاناة المتقاعدين وتصوير عالمهم النفسي الذي غالبا ما يحكم أسلوب حياتهم بعد إحالتهم على المعاش.. من هنا نستطيع القول بأن هذا النص يمثل نموذجا واضحا للقصة المغربية الحديثة، وبهذا نصل إلى التأكيد على صحة الفرضية التي طرحنا في مستهل دراستنا لهذا النص وذلك بانتمائه إلى فن القصة وبحديث الكاتب فيه عن ظاهرة التقاعد وتأثيراتها النفسية والاجتماعية على من يعيشها وهو في خريف عمره.