هل العنف سلوك سلبي مرفوض مقالة جدلية
.تحليل نص العنف
هل العنف سلوك سلبي مرفوض
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid.) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....هل العنف سلوك سلبي مرفوض مقالة جدلية
الحل هو
هل العنف سلوك سلبي مرفوض؟
المقدمة:
تمهيد وظيفي: ظاهرة العنف لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات البشرية....
إبراز العناد الفلسفي: ولقد اختلف الفلاسفة والمفكرون حول حقيقة هذه الظاهرة (العنف) ونتج عن ذلك موقفان متعارضان أحدهما يؤكد أنصاره أن العنف ظاهرة طبيعية مشروعة ولها ما يبررها، وعلى النقيض يرى أنصار الاتجاه الآخر أن العنف ظاهرة مرضية سلبية ليس لها ما يبررها.
صياغة السؤال: من هنا ورفعا للتعارض والجدال بين الموقفين حق لنا أن نتساءل: هل العنف ظاهرة إيجابية أم سلبية؟ وبعبارة أخرى: هل العنف ظاهرة طبيعية أم مرضية؟
الموقف الأول: العنف سلوك إيجابي.
* العنف ظاهرة طبيعية لها مبرراتها ومشروعيتها.
العنف خيار لا بد منه في نظر الكثير من المفكرين وفي اعتقاد الكثير من الشعوب.
الأدلة والحجج:
الحياة التي يعيشها الإنسان ليست بالبساطة والسلامة التي تجعل منه مسالما ووديعا.
منذ أن بدأ الإنسان حياته بدأها بالصراع وسيبقى كذلك.
ظاهرة العنف مرادفة للحياة تتعذر سيرورتها من دونه.
يقول "هرقليطس": "العنف أصل العالم ومحركه، فلكي تكون الأشياء لا بد من نفي الشيء وتحطيمه، فالقتال هو أبو سائر الأشياء وملك كل شيء والعنف هو موت يتضمن الحياة".
صراع الأضداد قانون طبيعي بمقتضى أن النقيضين لا يجتمعان.
بتعبير "كلكلاس": " إذا كان القوي في الطبيعة هو الذي يسيطر فإنه من العدل أن يكون الأمر كذلك في المجتمع الإنساني، ومن العدل أن يكون الأقوى فيه هو المتفوق وصاحب السلطة...فالقانون الحقيقي هو قانون الأقوى".
قريب من هذا الرأي يقول "ميشال فوكو": "إن الأقوى ماديا هو الذي يفرض حقيقته ولو كانت كاذبة" لأن رفض هذه الحقيقة الكاذبة من طرف الضعيف معناه الحكم على ذاته بالموت والنفي من طرف هذا القوي المتسلط.
هذا ما يؤكده مسلسل صراع الحضارات والحروب العالمية.
عن هذا التناقض بين "غوسدورف": "أن ازدواجية الأنا والآخر تتألف في شكل صراع".
طبيعة الإنسان تتميز بالأنانية، ولاستمرار بقاء هذه الذات يجب إقصاء الآخر الذي يهدد وجودها.
واقع الإنسانية يتشكل من تركيبات سيكوسوسيولوجية لأجناس متباينة ما يجعل الإنسان على حد تعبير "توماس هوبز" "ذئب لأخيه الإنسان".
ومن الناحية التحليلية للنفس الإنسانية يؤكد "فرويد" أن أصل العنف يتحدد كصراع بين نزعتين أساسيتين: نزعة الحياة (إيروس) ونزعة الموت (ثيناتوس) الأولى تنزع نحو المحافظة على حياة الذات، والثانية تنزع نحو إرجاع الحياة إلى السكون.
وبشكل عام الثورات الشريفة ترى في العنف واجبا أخلاقيا يستهدف استئصال الظلم من المجتمع وتصحيح الواقع الرديء، يقول الزعيم الصيني "ماوتسي تونغ": " إننا نقوم بالحرب لأجل السلم، لا الحرب من أجل الحرب".
لذلك فتحرير الأرض من المغتصب غاية شريفة تبرر استخدام العنف، وفقا للمقولة التي ترى أنه "ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة".
من هنا فالعنف وسيلة شريفة بشرف غايته، وهو ضرورة هدفها تصحيح الواقع وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.
يرى "توماس هوبز" أن الإنسان شرير بطبعه وميال للعنف. ونفس الفكرة نجدها عند "ميكيافيلي" عندما يعتبر الناس خبيثون بطبعهم لذلك لا ينبغي للمرء أن يكون شريفا دائما، وأن القسوة والرذيلة تضمن للدولة هيبتها واستمرارها يقول: "من الأفضل أن يخشاك الناس من أن يحبوك" والغاية تبرر الوسيلة والضرورة لا تعرف القانون.
كذلك السياسي الروسي ليون تروتسكي" والكاتب الأمريكي "وارد تشرتشل" هؤلاء كانوا ناقدين شديدين لمبدأ اللاعنف. فالعنف ضروري لتحقيق التغيير الثوري وحق الدفاع عن النفس مبدأ أساسي.
طبيعة الإنسان الأنانية تقتضي استعمال العنف.
أكد "انجلز" أن العنف هو أساس البناء والتحرر، فالظروف التي عاشتها الطبقة العاملة في ظل الاقتصاد الرأسمالي تميزت بالقمع لأن العامل كان يشعر بالغربة في عمله وهو ما أدى إلى قيام الثورة من أجل تغيير النظام وتحقيق العدالة الاجتماعية وهذا يعني أنه لا يمكن فهم العنف إلا من جانبه السلبي بل هو وسيلة من أجل غاية سامية.
يقول" جون جاك روسو": "ليس لنا فقط الحق، بل من الواجب أن نثور إذا اقتضت الضرورة لذلك، فهناك نوع من الأخلاقية يدعونا إلى حمل السلاح في أوقات ما".
عبر عن ذلك الفرنسي "ألبير كامو" أن الرجل الثائر هو الرجل الذي يقول "لا".
يرى كذلك "موسوليني": "إن السلام الدائم لا هو بالممكن ولا هو بالمفيد، إن الحرب وحدها بما تحدثه من توتر هي التي تبعث أقصى نشاطات الإنسان والتي هي وسام النبل على صدور أولئك الذين يمتلكون الشجاعة لمواجهتها".
أكد "نيتشه" أن القوة والعنف هما الأساس في بقاء البشرية إذ لا مجال للتسامح والأخلاق في حياة الإنسان لأن الأخلاق من صنع الضعفاء طبقوها كوسيلة لحماية أنفسهم من طمع الأقوياء.
النقد: لكن مبررات العنف لا يجب أن تتخذ كذريعة لاستخدامه في كل شيء.
كثير ممن يستخدمون العنف يتسترون وراء الدفاع عن النفس، ف الوم أ مثلا تبسط سيطرتها على بعض الدول الضعيفة بحجة نشر الديمقراطية والقيم الإنسانية، وإسرائيل ترتكب المجازر في في حق الشعب الفلسطيني بحجة الدفاع عن نفسها وحماية أمن مواطنيها.
العنف لا يولد إلا العنف، ولا يقابل إلا به وهذا من شأنه أن يفسد الأمور ولا يصلحها بل يؤدي إلى تأزم الأوضاع أكثر والى تحطيم العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد والأسرة الواحدة.
العنف يعزز العداء والتوتر والرغبة في الانتقام ومبرر للتدمير والتخريب.
العنف أسلوب بدائي غير متحضر لا يرقى إلى مستوى الإنسان. فالحيوان لا يلجأ إلى العنف إلا لضرورة بيولوجية كالصيد أو للدفاع عن النفس فكيف بالإنسان يمتاز بالعقل والقيم الأخلاقية.
الحقيقة أن فكرة العنف وجدت في المجتمعات البدائية ولا تتناسب مع طبيعة الإنسان المتحضر.
لا يمكن إخضاع التجمع الإنساني لقانون يحكم الحيوان ما دام متفردا بملكة العقل.
الدراسات التي قام بها النفساني "فروم" أكدت أنه حتى الحيوان ليس عدوانيا إلا في لحظة البحث عن الغذاء أو مواجهة خطر خارجي.
الموقف الثاني: لا يوجد في الحياة الإنسانية برمتها ما يبرر العنف إلا في كونه ظاهرة مرضية.
العنف سلوك لا يتوافق مع الطبيعة الإنسانية كونها ترفض أن يعتدى عليها.
لقد آثرت الشرائع السماوية والوضعية تقديم الوسائل السلمية بدلا من الوسائل القمعية وجعلت من حيث الترتيب اللاعنف أولى من العنف والتسامح أولى من اللاتسامح.
لا شك أن الطبيعة الإنسانية هي طبيعة مسالمة، تأبى أن يلحقها أذى من طرف آخر، ووقوفها عند حدودها وعدم التعرض للآخرين بتهديد استقرارهم معناه أنها تحافظ على استقرارها هي أيضا.
هذا الأسلوب المسمى باللاعنف لا يمكن وصفه بالتراجع أو التخاذل، وإنما هو أسلوب في محاربة الشر منعا لاستفحاله وتغذيته بعنف مضاد.
وإذا كان العنف في مجتمع الغاب يستند على القوة والغلبة، والإجهاز على الضعفاء، فإن قوة الإنسان تكمن في حكمته وتعقله لا في عضلاته، يقول "غاندي": "اللاعنف هو قانون الجنس البشري، والعنف هو قانون البهيمة".
ولكسب عقول الناس شرع الإسلام الأساليب الحوارية والسبل الإقناعية بدلا من التعنيف والتجريح وإقصاء الآخرين. يقول تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
ولأن من سمات الحياة وجود الاختلاف بين الناس في الدين والمواقف والرؤى والأفكار والوسيلة الوحيدة للجمع بين المتناقضات على نحو سلمي تبقى دائما هي عدم الإكراه على شيء من الأشياء لقوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
ومن أجل احترام إنسانية الإنسان لا لشيء سوى كونه غاية في ذاته جاء نقد العقل العملي ل "كانط": "اعمل دائما بحيث تعامل أفراد الإنسانية في شخصك وشخص الآخرين كغاية لا مجرد وسيلة".
ولعل الغاية من هذا اللاعنف هي قيمة الإنسان وقداسته، بغض النظر عن فصيلته أو قبيلته، وهذا ما جعل المفكر "روجي غارودي" يدعو في حوار الحضارات إلى اعتناق الإنسان مهما كانت عقيدته، أو جنسه، وذلك على أساس التسامح والمحبة.
النقد: لا يمكن أن يتجاهل أن الحفاظ على الأمن والاستقرار واللاعنف هي من الأهداف التي يطمح إليها الأفراد والجماعات. لكن هذه النظريات والرؤى التي تجعل من اللاعنف بديلا عن العنف قد ركزت بالأساس على ما يجب أن يكون عليه السلوك البشري، أما ما هو كائن فالعنف ظاهرة لا يخلو منها أي مجتمع.
وبخصوص دعوة الإسلام إلى الحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن فذلك ليس في الزمان والمكان الذي يعاني فيه الإنسان من ظلم المستدمرين وقهر الغاصبين لأرضه وعرضه وماله. لأن الإثم يترتب حينها على عدم مجابهة هذا الواقع بالوسيلة المشابهة وهي العنف لقوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم".
التركيب: إن التقريب بين هذه المواقف المتعارضة ممكن في أحوال كثيرة منها: أن العنف لا يمثل وسيلة وحيدة بل إن وجوده يكون في مرتبة أخيرة بعد سلسلة من الخيارات السلمية، كما أن عدم استعمال العنف في استرجاع الأراضي أو الحقوق المغتصبة هو بداية لضياعها، وأن احترام إنسانية الإنسان باللاعنف ليس أمرا حتميا على أي إنسان خصوصا إذا كان هذا الأخير يسير بمقتضى خلفيات عقائدية أو إيديولوجية تبرر القتل والتدمير على نحو ما يجري في سلوك الصهاينة في أرض فلسطين. (مع اربراز الرأي الشخصي).
الخاتمة: مما سبق نستنتج أن الأساليب لدى الإنسان متنوعة وكثيرة لإثبات ذاته ووجوده أمام الآخرين، ولهذا فمن الخطأ بمكان أن يلجأ الإنسان دائما إلى العنف لأن ذلك دليل على لا عقلانية ولا مسؤولية تجاه قدسية الإنسان، ومشروعية العنف لا تتأكد إلا إذا كان المقصود من استخدامه هو استعادة الحقوق، أو رد الظلم، وأيضا عندما يكون الطريق مسدودا أمام جميع الخيارات السلمية، فتكون مبرراته حينها مبررات دفاعية ليس إلا..