تحليل ومناقشة نص فلسفي النص موضوع التقويم (1باك علوم تجريبية)
سنة أولى باك علوم تجريبية
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم في موقعنا الحل المفيد ما يأتي.. تحليل ومناقشة نص فلسفي النص موضوع التقويم (1باك علوم تجريبية)
النص موضوع التقويم :
فالفردانية هي نزعة أو سلوك يؤكد على الخصائص الذاتية للفرد وعلى سماته ومميزاته الخاصة وذلك بما يتعارض مع ما هو جمعي وعام ومشترك. وهذا يعني أن الفردانية تؤكد ما هو خاص وشخصي ومتفرد.[...] ترمز الفردانية إلى واقع اجتماعي وثقافي يستطيع فيه الناس، بوصفهم أفرادا، اختيار طريقة حياتهم وسلوكهم وممارسة عقائدهم، كما ترمز إلى مجتمع يضمن فيه النظام الاجتماعي والقضائي حماية حقوق الناس بوصفهم أفرادا غير مكرهين على التضحية أو التنازل عن شيء يعتقدون به [...]
ويجب الاحتراز عند توظيف مفهوم الفردانية لأنه ينطوي على نقائض تحمل طابعا أيديولوجيا إذ يوظف هذا المفهوم في أغلب الأحيان توظيفا أخلاقيا سلبيا فيه تلميحات تبخيسية تحط من شأن الذي يوصف بالفردية. وفي هذه الصورة السلبية للمفهوم يشار إلى صفة التسلط أو العزلة الاجتماعية، أو إلى نزعة مضادة للجماعة معادية للتعاون مع الآخرين، كما يشار أيضا إلى صفات الأثرة والأنانية أو التسلط وإلى عدد آخر من الصفات السلبية التي تحيط باستخدامات هذا المفهوم.
وهنا يترتب علينا أن نميز بين الفردية والذاتية ، فالفردية تعني أن يأخذ الإنسان موقفا معينا من قضية ما أو مجموعة قضايا وأن يكون الفرد بالضرورة واعيا بأبعاد موقفه. أما الذاتية فهي اللحظة التي يرى فيها الفرد أنه محور الوجود أو مركز الكون في مسار حياته الاجتماعية.
حلل (ي) النص وناقش(ي) ه
الموضوع :
الانسان كائن اجتماعي بطبعه، لا يستطيع العيش وحيدا بل يحتاج إلى الاندماج مع الاخرين ليتقاسم مشاعره وأفكاره ويكون علاقات داخل ما يسمى بالمجتمع، بيد أن نمط العيش الحالي يدفع بالأفراد إلى الانعزال والتفرد لعيش وخلق عالم افتراضي خاص بهم بعيدا عن المحيط الخارجي. وأمام هذه المفارقات ينفتح النص الذي بين ايدينا على وحدة ما الانسان؟ وبالتحديد مفهوم المجتمع، ليعالج قضية علاقة الفرد والمجتمع. ويثير الاشكالات التالية: ما علاقة الفرد بالمجتمع؟ هل الفرد قادر على التأثير في مجتمعه، أم انه مجرد كيان خاضع ضعيف؟ ألا يمكننا الحديث عن علاقة تفاعل بين الفرد والمجتمع؟
يدافع صاحب النص عن أطروحة مفادها أن الفردانية تؤكد على الخصائص الذاتية للأفراد وتتيح لهم اختيار معتقداتهم وحياتهم داخل المجتمع. إذن كيف دافع صاحب النص عن دعواه؟
افتتح الفيلسوف نصه بتعريف الفردانية بأنها ذلك السلوك الذي يؤكد على كل ما هو متفرد وشخصي حتى وان تعارض مع ما هو مشترك، وبتعبير أوضح فإن الفردانية هي ذلك السلوك الفردي الذي يتميز به كل فرد عن الاخر ويختص به دون تدخل الوسط الخارجي. كما ربط الفردانية بالواقع الاجتماعي والثقافي الذي يخول للفرد اختيار طريقة حياته، ويمكننا هنا أن نتساءل: إذا كانت الفردانية تحفظ للفرد معتقداته ألا يمكننا أن نتحدث عن حماية لحقوق الأفراد؟ يأتي فيلسوفنا ليجيب عن هذا السؤال بأن الأفراد ليسوا مكرهين على التضحية بمعتقداتهم، حيث أن الفردانية ترمز الى مجتمع يضمن فيه النظام حقوق الناس، أي وبعبارة أخرى فإن اختيار الفرد لطريقة عيشه سبيل لحفظ وضمان حقوقه ، حيث لا يضطر للتخلي عن حرياته (حرية الاعتقاد على سبيل المثال) أو حتى تغيير سلوكاته لتتماشى مع من حوله. لكن يشير الفيلسوف الى ضرورة أخذ الحيطة عند توظيف مفهوم الفردانية نظرا لما ينطوي عليه من نقائض تحمل طابعا ايديولوجيا - على حد تعبير صاحب النص- . ويضيف الاستعمالات السلبية للمفهوم ، مقدما أمثلة عديدة من بينها النظر الى المتصف بالفردية على أنه لا أخلاقي، أو أن يشار اليه بصفات الانانية أو التسلط والتجبر، أو أن يعتبر معاديا للآخرين كذلك....، وإن صح القول فان المنظور السلبي للفردانية يربط بتعارض أفكار ومعتقدات الشخص المتصف بالفردانية مع الافكار والمعتقدات السائدة مما يعرضه لانتقادات كثيرة. واختتم فيلسوفنا نصه بمقابلة بين الفردية والذاتية، حيث عرف الفردية على انها أخذ الانسان لموقف معين من قضية ما ووعيه بأبعاد هذا الموقف، عكس الذاتية التي تتجلى في لحظة رؤية الفرد لنفسه كمركز الكون أو الوجود، أي ان بناء الفرد لموقف خاص به ووعيه به يختلف تماما عن اعتبار نفسه محور الوجود.
وتتجلى قيمة الدعوى التي يدافع عنها صاحب النص في محاولة الكاتب عكس واقع الدول الديمقراطية حيث يتاح للفرد اختيار معتقداته وسلوكاته... دون الحاجة إلى أن تتطابق مع المنظور السائد. كما أن هناك الكثير من الأشخاص الذين اتسموا بالفردانية واستطاعوا الاحتفاظ بمعتقداتهم رغم تعارضها مع الواقع المعيش، ولنأخذ على سبيل المثال الفائزة بجائزة نوبل للسلام ' مالالا يوسفزاي' التي تحدت حركة طالبان وتمسكت بضرورة تعليم الفتاة، ورغم الصعوبات التي اعترضتها إلا أنها حققت مرادها وأعادت للكثير من الفتيات في بلادها حق التمدرس. كما أن البنية الحجاجية للنص مبنية بطريقة سلسة ومتماسكة، حيث انتقل صاحب النص من تعريف الفردانية إلى عد ايجابياتها ثم الاشارة إلى ضرورة الانتباه عند استعمالها تجنبا للأخطاء التي يقع فيها الكثيرون. ثم اختتم بتوضيح الفرق بين الفردية والذاتية. لكن رغم قيمة الاطروحة وقوة تماسك حجاجها الا انها تعكس واقع الدول الديمقراطية فقط، فالنظام الديمقراطي سبيل لترسيخ فكرة الفردانية إذ يحكم الشعب نفسه بنفسه. إلا أن الانظمة الديكتاتورية لا تسمح بأي شيء من هذا القبيل، فما يسود هو ما يريده النظام ، وعلى الجميع الخضوع وطأطأة الرأس للحاكم دون اعتراض.
ومن منظوري الشخصي، الفرد ليس مجرد كيان مفعول به لا تأثير له داخل المجتمع كما يصرح الكثيرون، لعل أبرزهم السوسيولوجي الفرنسي إميل دوركايم الذي يعتبر أن المجتمع يطغى على الفرد ويخضعه لتأثيره . ولا فاعل مستقل كما هو الحال مع آلان رونو ومع فكرة الفردانية، فرغم اعتقادات الفرد المستقلة إلا أنه يبقى خاضعا لتأثير المحيط الخارجي -المجتمع- فلا يمكننا أن ننفي تأثير المجتمع على أفراده وحصره لهم داخل قوقعته. فكل فعل أريد القيام به يتم التخطيط له من قبل لضمان عدم التعرض لسخط المجتمع، حتى وإن كان الفرد موقنا بفعله هذا. ولنستحضر هنا مثال السارق: فلا يقوم السارق بفعلته علنا وأمام الجميع، بل يحرص على ألا يراه أحد تجنبا للعقاب. بيد أن الخصائص الذاتية للفرد (كالمواهب) يمكن أن تساعد وأن تخلق تغييرا ويمكننا أن نتحدث هنا عن إمكانية التحرر من القيد الاجتماعي مع ضرورة إدراك العواقب، فقد مات العديد عبر التاريخ دفاعا عن معتقداتهم (سقراط مثلا). لكن مفهوم الفردية وكما أشار صاحب النص غالبا ما يتم مزجه بالذاتية، فينظر لكل من خرج عن دائرة المألوف على أنه متغطرس وأناني.
وخلاصة القول، تختلف الآراء حول علاقة الفرد بالمجتمع، فهناك من يرى الفرد كائنا مستقلا، وهناك من يعتبر المجتمع مخضعا للفرد. ومنه نخلص لنقول ان الفرد و المجتمع متفاعلان، وانهما وجهان لعملة واحدة تجمعهما علاقة تأثير وتأثر. ويبقى السؤال هنا: ما علاقة كل من الفرد والمجتمع بالسلطة؟