تحليل قصة فتاة من فلسطين لعيسى الناعوري
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid. ) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....تحليل قصة فتاة من فلسطين لعيسى الناعوري
الحل هو
تحليل قصة فتاة من فلسطين لعيسى الناعوري
عيسى الناعوري
الانعطاف الى الماضي والبكاء عليه، في روايته--بيت وراء الحدود--د. فخري طمليه.
وبعد عشر سنين من نشر قصة - فتاة من فلسطين - أطلَّ علينا بطل فلسطيني آخر، هو بطل رواية "بيت وراء الحدود" لعيسى الناعوري (1).
وان كان - سامي - بطل رواية - فتاة من فلسطين - قد جهد في سبيل الوصول الى حقيقة النكبة الفلسطينية فأعياه الوصول. فإن "كريما" بطل رواية "بيت وراء الحدود" جاء بعده بعشر سنين ليبكي فلسطين وأيامها وما حلَّ بشعبها من ظلم. تحكي الرواية قصة أسرة فلسطينية - أبو كريم وزوجته وابنيه كريم ونظير - كانوا يسكنون في حي العجمي في يافا، في انسجام تام مع البيئة المادية والبيئة المعنوية، فبيتهما الجميل الذي ابتناه الوالد بتعب العمر، يقع على شاطئ البحر في حي جميل راق، والأسرة بأفرادها الأربعة كانت تعيش في غاية من السرور والحبور، لم يكن بيتهم في يافا جميلا ببنائه وموقعه فحسب، بل بجيرانه الطيبين المحبين لبعضهم بعضا فجارهم أبو فائزة وابنته فائزة كانا يبادلان أسرة أبي كريم وأبنائه الحب والاحترام.
لقد ربطت الطفل كريم - ابن الثالثة عشرة - صداقة أقرب إلى الحب البريء بابنة الجيران "فائزة"، فأبوها الميسور الحال كان يأخذ "كريما" وأخاه "نظيرا" مع ابنته يوميا في سيارته ويوصلهما إلى المدرسة، وبعد العودة يجتمع الأطفال ثلاثتهم على الشاطئ يلعبون، أو في حديقة المنزل يمرحون ويغنون.
ويحدث تحول مفاجئ في حياة كريم، حين ترحل فائزة مع أبيها وأمها إلى لبنان ليصطافوا هناك، وإذا بعواطف الصداقة تتحول إلى عواطف الحبّ، هي في رأيي فوق ما يتوقع من طفل في الثالثة عشرة من عمره، فمغادرة "فائزة" الحيّ وبُعدها عن "كريم" جعلت حياته كئيبة حزينة يقول "والأزهار الضاحكة لم تعد تبدو لي جميلة كما كانت من قبل، وبدا لي كل ما في البيت كئيباً، كما لو فُقِدَ منه شيء ثمين جداً".
وبدأ "كريم" يتخيل "فائزة" في غُدِّوها ورواحها ويتصور أنها تبادله المشاعر نفسها، وتعيش الحب نفسه "وقد تراني كما أراها في كل موجة تركض الى الشاطئ وتسمع ضحكاتي مع هدير الأمواج التي تنكسر عند طرف الرمل الأصفر". وحبه لفائزة جعله يشعر أن أخاه نظيرا الذي كان يصغره بسنة ينافسه في حبها، فثارت في نفسه عواطف الغيرة، التي كادت تودي بحسن العلاقة بين الأخوين، فحين انطلقت السيارة التي تقل فائزة قال "لمحت في وجه أخي نظير ما يشبه الشماتة والتّشفي، فتحرك الغضب في داخلي، ونظرت اليه نظرة حادة حانقة". وحين بعَثَت من بيروت له ولأخيه هدية غضب تمنى لو كانت الهدية له وحده دون أخيه نظير - نظير دائما؟.
ويبلغ التنافس بين الأخوين حدّاً كبيراً، حين طلب أبو فائزة من كريم أن يكتب رسالة لفائزة في بيروت يضمنها شكره على الهدية، لقد اعتبر "كريم" أن هذا إعلاء لشأنه على شأن أخيه "وشعرت عندئذ بشيء من الزهو ولذة الانتصار، وبدافع لا شعوري رأيتني أختلس النظر إلى أخي فأراه قد أطرق في شيء من الخيبة يحاول أن لا يبديه لنا، فضحكت في أعماقي لخيبته وانتصاري". وحُبّ "كريم" الطفل "لفائزة" التي هي في نفس عمره، دفعه لتعلم الموسيقي، حتى يفاجئها حين تعود بأنه قادر على العزف الجيد، ووجد في ذلك مجالا ينتصر فيه على أخيه الذي لم يبد حماسة لتعلم الموسيقى "وعند ذلك شعرت بكثير من الراحة فلم يكن مما يرضيني أن يشاركني "نظير" في كل عمل أعمله، وفي كل هواية أمارسها لا سيما إذا كان في ذلك شيء ذو صلة بارضاء فائزة".
لقد طور الكاتب شعور ميل "كريم" إلى "فائزة" الى حُبّ عاطفي قويّ لا يتحقق لطفل في مثل سنه، دونما مبرر لذلك، فكريم قرأ رسالة فائزة عددا من المرات لم يستطع حصرها، وكان يتخيل نفسه يصاحبها في رحلتها "لقد قرأت رسالتها مرارا لا أعرف عددها، وكان أحب اللحظات لديّ قراءتها حين أكون على شاطئ البحر، فكنت أترك السطور لحظات أرمي بها بصري إلى الأزرق الفسيح، فكأن كل ما تحدثني به "فائزة" ماثل أمامي، وكأنني أضع يدي بيد فائزة، وانتقل معها كالطيور المرحة بين الشاطئ والجبل...".
لقد اعتمد الكاتب في تقديم الشخصية أسلوبا تقريريا، وإن جاءت بعض الصور فهي جزئية مستهلكة، أشبه بالكليشهات تفقد الحرارة والصدق.. هذا الحب الجارف الذي بدأ يعتمل في نفس كريم الطفل أشبه بالحبّ الحقيقي الذي يربط بين اثنين في مرحلة أنضج، مع أن الكاتب يجعل "كريما" يعترف أكثر من مرة بأنه طفل "كانت الرسالة التي كتبتها الى فائزة قصيرة جداً وصبيانية تتناسب مع سِنّي ومستواي اللغوي حينذاك". وحين وصلته رسالة من فائزة قال "لقد أمضيت أعدّ الأيام في انتظار رسالة من فائزة، فان وصول رسالة من مكان بعيد باسمي، يملأ نفسي اعتزازا ويشعرني بأنني أكبر من طفل ابن ثلاثة عشر عاما، فكيف إذا كانت الرسالة من فائزة نفسها" وقال "ان لأول رسالة تأثيرها الكبير في نفس الطفل، تقفز بها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة أكبر وأجل شأنا".
وهكذا نلاحظ كيف أن الكاتب عجز عن تقديم شخصية مقنعة نُحسُّ بها ونعترف لها بالحياة، ونقر بوجودها بيننا، فالشخصية تعيش الحب الذي لا بد له من نضج نفسي وجسمي كاف لم يتهيأ له بطل القصة، فكان يقر بين حين وآخر بطفولته، إن الكاتب هنا يحمل الشخصية أكثر مما تحتمل، وينسب إليها أعمالا لا تستطيع بحكم تكوينها أن تمارسها.
وتحتل قصة حب كريم لفائزة أكثر من نصف الرواية، ثم يدخل الكاتب موضوعه، وهو قسوة الظروف على الفلسطيني، وبيان ما حاق به من ظلم بدد حُبّه، وشتته في أصقاع الأرض ليجعلنا نتعاطف معه فنذرف دمعة من أجله، ففي أثناء تجربة الحب الطفولية هذه تنشب الحرب العربية الاسرائيلية الأولى، وتعيش يافا جوّ الرعب والموت "لقد ذهبت البهجة ولذة الحياة، وحل محلها الخوف والترقب والسهر الطويل"، وحتى يعمق الكاتب مأساة بطل الرواية جعل احدى القذائف تصيب فائزة، تُنْقل على أثرها الى المستشفى "فانطلقت أعدو وراءها وأنا أبكي وأصرخ، وتعلقت بمقبض السيارة أريد الدخول إليها مع فائزة، ولكن أبي لحق بي، وانتزع يدي من السيارة وعاد بي إلى البيت". وحتى تعمق المأساة أكثر يصاب والده إصابة مباشرة بإحدى قذائف العدو فتحطم رأسه، فيهرع إليهم جارهم أبو "فائزة" ويأخذهم الى الشاطئ حيث تقلهم إحدى الزوارق المحملة باللاجئين إلى بيروت، ويترك كريم وأمه وأخوه يافا متوجهين إلى بيروت، وسط مخاطر الإبحار في زورق صغير يُقلّ عدداً كبيرا من اللاجئين، ثم يصور نزولهم في بيروت والشقاء الذي عانوه، لولا أن ساعدهم بادئ الأمر أحد أصدقاء أبي فائزة - ممدوح الجمال -.
ويبسط الكاتب قضية الصراع الصهيوني العربي على أرض فلسطين فهي لا تعدو عنده أن تكون قتالا صهيونيا عربياً مهدت له بريطانيا من أجل أن يقتتل العرب واليهود على اقتسام فلسطين، فاصلا ذلك الصراع عن مغزاه التاريخي والسياسي "كان يقال لنا ان الانجليز قد صمموا على الخروج من فلسطين ليتنازع العرب واليهود من سكانها على اقتسامها بينهم".
ويصر الكاتب على أن يوقع بهذه الأسرة المزيد من المآسي حين يدفع ابنها الآخر - نظيرا - إلى التسلل بعد إقامة خمس سنوات في بيروت إلى يافا، لا شيء الا ليبلغ رسالة حب من كريم إلى فائزة، يقتل عندها في بيته، ورد ذلك في رسالة بعثت بها فائزة إلى كريم، تبلغه أن أخاه قتله اليهود، وهو يطل على بيتهم قائلين "جاسوس عربي.. جاسوس عربي (...) وسرعان ما انطلق الرصاص من النوافذ متلاحقا فيسقط "نظير" متخبطا بدمائه".
لقد مات نظير موتا مجانياً رومانسيا غير مبرر من أجل أن ينقل رسالة حب الى فائزة من أخيه الذي طالما اتهمه بأنه ينافسه في حبها. تقول فائزة "ولما وصلت إليه ركعت على الأرض واسندت رأسه الى صدري وجعلت أناديه وأهزه، ففتح عينيه وابتسم لي ولم يستطع أن يقول لي غير كلمتين "كريم ينتظرك" ثم التوى عنقه وأطبقت عيناه إلى الأبد". ويعلق كريم على مقتل أخيه قائلا "يا لأخي المسكين الحبيب الجريء، لقد ذهب لينقل لفائزة رسالة حبي وشوقي" أما فائزة فتقول "مسكين نظير لقد جازف بحياته كي يحمل لي رسالتك القلبية".
يتبع في الأسفل تحليل قصة فتاة من فلسطين لعيسى الناعوري