مقالة جدلية فلسفية حول العلوم التجريبية
هل مبدأ الحتمية المطلقة مبدأ ضروري وثابت في علوم المادة الجامدة ؟
في موقع،{{ الحل المفيد}}، نطرح عليكم طلاب وطالبات bac البكالوريا للسنة أولى والثانية والثالثة ثانوي ملخص شرح تحليل وتحضير النصوص والمقالات الفلسفية باك 2023 2024 جميع الشعب كما نقدم لكم الأن أعزائي التلاميذ إجابة السؤال الفلسفي القائل... ______هل مبدأ الحتمية المطلقة مبدأ ضروري وثابت في علوم المادة الجامدة
إجابة السؤال هي
الطريقة جدلية :
مقدمة : ( طرح المشكلة )
يقصد بعلوم المادة الجامدة العلوم التي تدرس الظواهر الجامدة أي التي لا تحتوي على
عنصر الروح وهذه العلوم هي الفيزياء و الكيمياء و علم الفلك و الجيولوجيا ، وقد سعى
العلماء في هذه المجالات إلى ضبط الظواهر ضبطا دقيقا و الوصول إلى نتائج دقيقة ويقينية ،
ومن أهم ما اعتمدت عليه هذه العلوم مبدأ الحتمية المطلقة الذي يعتبر أهم ركيزة قامت عليها
فيزياء نيوتن وهذا المبدأ يعني أن نفس الأسباب تؤدي دائما وحتما إلى نفس النتائج .
فهل نجح فعلا هذا المبدأ في تفسير جميع الظواهر خاصة ما تعلق منها بالفيزياء ؟
وهل لقي إجماعا من العلماء في هذا المجال ؟
العرض : ( محاولة حل المشكلة )
يرى الكثير من الفلاسفة والعلماء بان مبدأ الحتمية المطلقة هو المبدأ الأساسي في
تفسير كل الظواهر الطبيعية وهو بمثابة قانون علمي بحيث إذا كان لكل شيء سبب فان نفس
الأسباب تؤدي حتما إلى نفس النتائج هذا ما أكدت عليه الفيزياء الكلاسيكية مع * نيوتن *
و* كبلر * التي وضعت قوانين أساسية وثابتة لتفسير الظواهر الطبيعية والكونية ، فغاية
العلم الأساسية تتمثل في تفسير الظواهر وكذا التنبؤ بها في المستقبل قبل حدوثها فان هذا
الأمر يشترط الكشف عن العلاقات الثابتة بين الظواهر ، فالحوادث الطبيعية في نظر العالم لا
تحدث صدفة فلا بد لها من شروط معينة وأسباب ثابتة إذا توفرت تحدث الظاهرة حتما . وقد
أكد هذا الاتجاه العالم الرياضي * هنري بوانكاري * بقوله * إن العلم حتمي وذلك بالبداهة *
كذلك يقول * لابلاس * * يجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة
وسببا في حالته اللاحقة *
ولكن بالرغم من صحة هذا الاتجاه إلى حد بعيد واعتماده على أدلة علمية واضحة إلا أن
العلماء في هذا المجال عجزوا عن التنبؤ وتفسير بعض الظواهر الطبيعية التي لازالت
مستعصية على العلماء مثل التنبؤ بحدوث الزلازل ، فالقول بان العلم يخضع لحتمية عمياء
قول فيه الكثير من المبالغة والإهمال لعوامل أخرى .
في أواخر القرن التاسع عشر بدأت بوادر ظهور فيزياء جديدة معاصرة تقوم على مبادئ
وافتراضات جديدة مخافة لما اعتقده علماء الفيزياء الكلاسيكية ، ولعل اهمم بدا اعترضت
عليه هذه الفيزياء المعاصرة هو مبدأ الحتمية المطلقة ، حيث ثبت علميا بان التجارب و
الملاحظات تكون تقريبية واحتمالية في فرع الفيزياء المجهرية * الميكوفيزياء * حيث أن
حركة الجسيمات ليست ثابتة ولا يمكن التنبؤ بالمواقع التي ستذهب إليها وكذلك تتأثر هذه
الجسيمات بأدوات القياس التي يستعملها العالم ، يقول الفيزيائي الألماني * هيزنبيرغ *
* كلما تم التدقيق في موقع الجسيم كلما غيرت هذه الدقة كمية حركته وسرعته * لقد تغيرت
نظرة العلماء للفيزياء كعلم دقيق يقوم على مبدأ الحتمية وهذا ما عجل بظهور النظرية النسبية
لعالم الفيزياء الألماني * ألبرت اينشتاين * التي تقول بنسبية العلم فلجا العلماء إلى مبدأ آخر
وهو مبدأ اللاتعيين أو ما يسمى مبدأ اللاحتمية وبعد ذلك ظهور نظرية الكم أو ما يعرف
بالكوانتم * ميكانيكا الكم * التي رفضت كل الافتراضات التقليدية في الفيزياء .
غير أن ما وصلت إليه علوم المادة الجامدة و الفيزياء خاصة من تطور هائل لا يعني
بالضرورة إلغاء كل ما جاءت به الفيزياء الكلاسيكية و خاصة مبدأ الحتمية فهذا المبدأ يبقى
الأصلح لتفسير الكثير من الظواهر ، وإلغاء هذا المبدأ نهائيا من طرف منظري و علماء
الفيزياء المعاصرة لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا.
وتجاوزا لهذا المأزق العلمي أو الابستمولوجي حاول الكثير من علماء الفيزياء المعاصرين
الجمع بين المبدأين * الحتمية واللاحتمية و ذلك عندما اعتمدوا على مبدأ حساب الاحتمال ،
حيث أن مبدأ الحتمية في حد ذاته أصبح نسبيا ، يقول الفيزيائي بلانك * إن نظريات الذرة في
الفيزياء المعاصرة لا تهدم مبدأ الحتمية وإنما تهدم فكرة القوانين الصارمة و الأكيدة التي
كانت تستخدمها الفيزياء الكلاسيكية ، أي تهدم قوانين المذهب التقليدي *
خاتمة : ( حل المشكلة )
وهكذا نستنتج في الأخير بان مبدأ الحتمية قد يصلح لتفسير مجال معين أو ظواهر معينة
الا انه لا يصلح لتفسير كل الظواهر الطبيعية والكونية ، ولا بد لتفسير الظواهر الأخرى مبدأ
اللاحتمية ، أي أن لكل علم مبادئه و قواعده الخاصة به ، وإذا كانت الحتمية تصلح للفيزياء
فان اللاحتمية تصلح للميكوفيزياء * المجهرية * والماكوفيزياء * الظواهر الكونية *