الفلسفة مجزوءة الوضع البشري
ملخصات فلسفية bac 2023 لكل الشعب مادة الفلسفة بكالوريا
أهلاً بكم زوارنا في موقع الحل المفيد alhlmfid.com يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم من كتاب الطالب على صفحة موقع الحل المفيد ملخصات وحلول وكل ما يخص الطالب من المنهج الدراسي الجديد 2022، 2023 كما نقدم لكم الأن ..
الفلسفة مجزوءة الوضع البشري
مفهوم التاريخ
I-المحور الأول: إشكالية المعرفة التاريخية
بين يدي الإشكال (تمهيد لفهم الإشكال) يواجه علم التاريخ ومعه المعرفة التاريخية وضعية فريدة بين العلوم الإنسانية: فهو علم دراسة الماضي، مما يعني أن المؤرخ يدرس واقعا ولى وانقضى كما يقول ريمون آرون، واقعا تفصله عنه مسافة زمنية وثقافية، واقعا لم يعد له وجود! فما يوجد اليوم وجودا ماديا فيزيائيا ينحصر في الآثار والوثائق. يتعين على المؤرخ إذن أن ينطق ويستنطق وينتقي هذه “المخلفات” ليعيد بناء الوقائع التاريخية مما يجعل من المعرفة التاريخية معرفة مبناة بامتياز
طرح الإشكال: ضمن أية شروط تكون المعرفة التاريخية المبناة مطابقة لموضوعها أي للحدث كما وقع فعلا؟ ما هي شروط إمكان المعرفة التاريخية كمعرفة علمية؟ هل يمكن للمؤرخ أن يستفيد من المسافة الزمنية التي تفصله عن الواقعة التاريخية وعن الفاعلين التاريخيين ليتناول مادة علمه بموضوعية بعيدا عن الذاتية أم أن دراسة الماضي لاتتم إلا بدافع من انشغالات الحاضر وضمن ايديولوجياته؟ كيف للمعرفة التاريخية أن تستعيد ليس فقط الواقعة التاريخية في بعدها الحدثي المادي بل وأيضا “أحداث الوعي”أي نيات الفاعلين ومقاصدهم ومحتويات وعيهم؟
معالجة الإشكال:
1- المعرفة التاريخية ورهان الدقة والموضوعية: المنهج النقدي
مثلما حذر بورديو من السوسيولوجيا العفوية أي تلك المعرفة الاجتماعية التلقائية التي يملكها الفاعل الاجتماعي حول الظواهر الاجتماعية من حوله، يتعين على المؤرخ أيضا أن يحذر من المعرفة التاريخية العفوية التي يدعوها ابن خلدون بظاهر علم التاريخ وهي تلك المعرفة التي يملكها كل واحد عن الماضي في شكل روايات وأخبار تتداولها وتتناقلها الأجيال. لايكون التاريخ علما إلا بوصفه نقدا وتفسيرا. فالنقد يتجلى في تمحيص وتحقيق هذه الروايات وسبرها بمعيار الحكمة و تحكيم النظر و البصيرة في الأخبار وفحصها على ضوء أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الأحوال في الاجتماع الإنساني و الوقوف على طبائع الكائنات وقياس الغائب على الشاهد.
ولكن تحقيق الخبر التاريخي يحتاج أيضا إلى تفسيره للكشف عن علة ومنطق الأحداث التاريخية المتضمنة فيه والمبدأ المتحكم في حدوثها وتعاقبها…
2- حدود المنهج النقدي في التاريخ:
ماهي حدود المنهج النقدي في التاريخ؟ ألا يواجه علم التاريخ نفس الصعوبات الميتودلوجية ونفس الإشكالات الإبستملوجية التي تواجهها باقي العلوم الإنسانية؟
ربما يوحي النقد بأن المؤرخ منكب على موضوعه بتجرد وقد وضعه على طاولة البحث تحت مجهر النقد، ولكن الموضوع ظاهرة إنسانية. والمعركة كما يقول آرون ليست فقط حدثا ماديا فحسب ذلك أن لتصرفات المحاربين دلالاتها ولتصرفات الضباط مقاصد وغايات ونيات…، وباختصار فالمؤرخ يدرس أحداث الوعي أيضا. الا تستدعي المعرفة التاريخية بهذا المعنى نوعا من التعاطف والتفهم من قبل المؤرخ للنفاذ إلى دلالات الواقعة بالنسبة للفاعل التاريخي؟ ولكن ألا تتعارض هذه الذاتية مع مطلب الدراسة العلمية الموضوعية كما يلح عليها الوضعانيون؟ وماهي حدود الدقة التفسيرية التي التي يطمح إليها المؤرخ؟ يرى مارو أن بناء الواقعة التاريخية ثمرة تلاقح بين المنهج النقدي والتعاطف، بحيث يصحح أحد الطرفين إفراط الآخر. والتعاطف أو المشاركة الوجدانية عند مارو خروج المؤرخ من ذاته لملاقاة الغير (التاريخي)، بحيث تقوم بينه وبين موضوعه ضرب من الصداقة لايصح الفهم والتفسير بدونها. إن التعاطف هو مرحلة البناء التي تعقب الهدم الذي يمثله المنهج النقدي
I-المحور الثاني: التاريخ وفكرة التقدم
بين يدي الإشكال (تمهيد لفهم الإشكال) أوضح ابن خلدون بأن ظاهر علم التاريخ لا يختلف عن باطنه في التحقيق والتمحيص فحسب بل يزيد عليه بالتعليل والتفسير أي الكشف عن علل الأحداث ومبادئها. وبذلك يكون التصور الخلدوني جامعا لعلم التاريخ وفلسفة التاريخ معا، لأن هذه الأخيرة تتجاوز تحقيق الوقائع إلى البحث في علة حدوثها ومبدأ تعاقبها بل في منطق ومعنى السيرورة التاريخية ككل.
طرح الإشكال: هل هناك منطق ثاو خلف تعاقب الأحداث التاريخية أم أن التاريخ هو مملكة الصدفة والعرضي؟ هل هناك معنى لهذه السيرورة وهل التاريخ قابل للتعقل؟ وإذا كانت ثمة منطق للسيرورة التاريخية فهل يمكن أن نستخلص منها غاية التاريخ ونتنبأ بوجهته التي يمضي نحوها ؟ وإذا وجدت غاية للتاريخ أفلا يعني أن صيرورة التاريخ يمضي نحو نهاية التاريخ؟
معالجة الإشكال:
1- التاريخ الدوري والغياب التام لفكرة التقدم
السيرورة التاريخية في المستوى الخام وقبل كل تفسير هي تعاقب لأحداث. وأبسط أنواع الظواهر المتعاقبة التي يسهل الكشف عن منطقها هي الظواهر الطبيعية الكبرى ( تعاقب الليل والنهار، الفصول، أطوار حياة الكائن…) ولقد اتضح للإنسان مبكرا أن منطقها منطق دوري إذ أن الظواهر تتالى وتتعاقب وتنمو وتندثر لتعود مجددا إلى طورها الأول . لقد استعير هذا المنطق لفهم السيرورة التاريخية فيما يعرف بالعود الأبدي الذي نجده في الكثير من الميثلوجيات وبعض الفلسفات كفلسفة نيتشه.
تمثل فلسفة التاريخ الخلدونية ونظريته في العصبية نموذجا للتصور الدوري للتاريخ الذي تغيب عنه فكرة التقدم والتراكم. لقد استطاع ابن خلدون أن يلتقط المبدأ المفسر للسيرورة التاريخية أو للعمران البشري متمثلا في أهم مظاهره وهي الظاهرة السياسية أو الدولة. إن العصبية هي العامل المفسر لقيام الدول وانهيارها. والعصبية كما الدولة يبدآن بالفتوة ثم القوة فالهرم والشيخوخة والإندثار: تبدأ الدولة الجديدة كدعوة تتخد من العصبية مصدرا لقوتها داخل قبيلة واحدة تتقوى لتضم تحت سيطرتها قبائل أخرى وبمقدار ماتتسع سطوتها تتحول إلى طور الدولة وما يصاحب ذلك من استقرار وتشييد وتنظيم إداري ومالي وعسكري… ولكن بقدر ما تتوسع مظاهر العمران، تضعف وظيفة العصبية والحاجة إليها لممارسة السلطان. وكأن تطور الدولة يحمل في ذاته بذور تلاشيه: ذلك إن اتساع الرقعة الجغرافية للدولة وعدد جيوشها ودواوينها وتنوع أصناف البذخ يرهق ميزانيتها فيدفعها إلى فرض المزيد من المكوس والضرائب وممارسة صنوف الجور والإفراط… فتدب الإنشقاقات والثورات والوهن في جسمها، مما يوفر الشروط لنشوء دعوة جديدة لاتزال العصبية فيها فتية قوية، تنقض على الدولة الواهنة… وهكذا دواليك ليبدأ دور أو طور جديد