نموذج تطبيقي تحليل نص محور الشخص والهوية مفهوم الشخص مجزوءة الوضع البشري ديكارت
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid.) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....نموذج تطبيقي تحليل نص محور الشخص والهوية مفهوم الشخص مجزوءة الوضع البشري ديكارت
الحل هو
المحور الأول : الشخص والهوية
نموذج تطبيقي
تحليل ومناقشة نص فسلفي ـ نص للفيلسوف الفرنسي ديكارت Descartes / محور الشخص والهوية _ مفهوم الشخص _ مجزوءة الوضع البشري.
(حتى لا تبقى التوجيهات المنهجية مجرد قصف نظري فوقي)
********************************************
(الفهم)
تطرأ على حياة الإنسان العديد من التغيرات التي تشمل جوانب عدة من حياته ومن شخصيته، التي تعرف تقلبا في البنية العضوية وفي العواطف والانفعالات، ذلك تبعا لتغيّر المراحل العمرية والظروف الاجتماعية والبنيات الثقافية التي ينشأ فيها. لكن، وعلى الرغم من كل تلك التغيرات، يظل الشخص على وعي تام بأنه هو نفسه. هذا العنصر الذي يجعل الإنسان قادرا على إدراك ذاته باستمرار يمكن أن نسميه "الهوية". لكن تعدد المواقف وتضارب الآراء والتصورات حول "الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص" جعل منها واحدة من أبرز القضايا الفلسفية والإشكالية التي تدخل ضمن المجال الفلسفي الأنطولوجي الذي تحيلنا عليه مجزوءة "الوضع البشري"، وبالتحديد ضمن مفهوم "الشخص" كمفهوم أساسي ومركزي. هكذا يمكن صياغة الإشكال الذي يطرحه النص وتحيل عليه قضية الهوية من خلال التساؤلات التالية :
ما هو الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص؟ هل تقوم هوية الشخص على وحدة الأنا وتطابقها مع الفكر أم على وحدة الشعور والذاكرة؟ ما هو الطابع الذي يميز هوية الشخص؟ ما هي سيرورة ومسار تشكل هذه الهوية ؟
(التحليل)
في سياق المعالجة الفلسفية والمعرفية لهذه التساؤلات الإشكالية المطروحة ، ومن منطلق تحليلنا لهذا النص (وهو للفيلسوف الفرنسي ديكارت) الواضح انه يتبنى أطروحة أساسية مفادها: "أن الأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص هو الفكر بما هو جوهر الأنا الذي يتميز بمجموعة من الخصائص التي تحقق للشخص وعيه بذاته وإدراكه لحقيقة وجوده". وفي مستهل عرضه لهذه الأطروحة يقدم صاحب الناص مجموعة من القضايا والأفكار؛ فهو في البداية يعتبر أن الفكر هو جوهر الأنا الذي يتميز بمجموعة من الخصائص والصفات التي هي جزء من طبيعته ولا تنفصل عنه (الشك، الفهم، التخيل، الإثبات، النفي، الإرادة، الإحساس). وعبر هذا الارتباط بين الفكر وخصائصه تتحقق وحده الشخص وتطابقه مع ذاته، بحيث لا يمكن للذات أن تفكر دون أن تعي بأنها هي التي تفكر. وكنتيجة لهذا الوعي بالذات عبر خاصية التفكير، يدرك الشخص حقيقة وجوده اليقيني والثابت القادر على الاستمرارية والصمود أمام كل محاولات الخداع والتضليل. وبهذا يصل صاحب النص إلى نتيجة أن كل ما لدينا من معارف وأفكار حول أنفسنا وحول الأشياء المحيطة بنا إنما مصدره الفكر وليس أي عنصر آخر قد يعزى إلى الحواس.
ولابد للمتأمل في هذا الموقف أنه سيدرك أن صاحب النص قد اعتمد بنية مفاهيمية بسيطة ومترابطة تتمحور في مجملها حول ثلاثة مفاهيم مركزية وأساسية في فلسفة ديكارت، الفكر، الشك، الأنا (الشخص)؛ "الفكر" يمكن تعريفه بأنه جوهر ثابت أو نور فطري خاصيته الأساسية التفكير. بالإضافة إلى مفهوم الشك الذي هو مساءلة الفكر عن قيمة الأحكام التي يصدرها، وعبر هذه المساءلة يتحقق التطابق بين الأنا (الشخص) ونفسه ويكون قادرا على تحقيق إدراك يقيني وثابت لوجوده. وهذا ما يختزله الكوجيطو الديكارتي "أنا أشك أنا أفكر، إذن أنا موجود" إن الشك هو بداية التأمل العقلي وخطوته الأساسية. فماهية وجود الشخص هي التفكير وأساس هويته هو الفكر. أما من حيت البنية الحجاجية التي اعتمدها صاحب النص فالظاهر أن النص يغلب عليه طابع الاستدلال المنطقي، إذا اعتمد مبدأ التدرج المنطقي عبر استدلال تحليلي تطلب منه التساؤل (عن ماهية الأنا، وعن خصائص الفكر...) والاستنكار (ألست أنا الشخص نفسه.. لم لا تكون كلها من خصائص طبيعتي...) والتعريف (أنا شيء مفكر.. انه شيء يشك ويفهم ويتخيل ويثبت...) قبل أن يخلص إلى استنتاج مفاده أن الشخص وعبر جوهره المفكر وتطابق هذا الفكر مع خصائصه أصبح يعرف نفسه أكثر من أي وقت مضى. وبالتالي المحدد الأساسي لهوية الشخص هو الفكر، لقد عمل ديكارت على تفكيك هذه الأطروحة إلى عناصرها المترابطة (الأنا جوهر مفكر، التفكير يحقق للانا تطابقه مع ذاته ويجعلها مدركا لكل بنيات وجوده).
(المناقشة)
لا احد سيجادل في أهمية وقيمة هذا الموقف الذي يقدمه ديكارت سواء في بعده الفلسفي أو بعده الفكري والإنساني، فالموقف الديكارتي يعكس تصورا وجوديا للإنسان، يرتكز على خاصية الشك/التفكير الذي هو رفض للرضوخ والتبعية وفي جوهره دعوة التحرر، خاصة عندما يتم وضع هذا الموقف في سياقه التاريخي حيث كان الإنسان يعيش استلابا نتيجة هيمنة وسيطرة الفكر الديني خلال القرون الوسطى وبداية عصر النهضة. وهذه ما يعطي لهذا الموقف قيمة فلسفية تبرز في قدرة الشخص على تأسيس هويته الشخصية المستقلة بالاعتماد على فكره، ودونما الحاجة إلى وصاية خارجية.
لكن مع ذلك تظل أطروحة صاحب النص محدودة من حيث هي لا تقدم جوابا شاملا عن الإشكال، ومن حيث هي جعلت الذات منغلقة على نفسها دونما أي اعتبار للجانب الحسي الإدراكي الذي يمكن أن يكون مرتكزا في تأسيس هوية الشخص. فما هو دور الإدراك الحسي في التأسيس لهوية الشخص؟ وكيف تسهم الذاكرة في ضمان استمرارية هذه الهوية ؟
قصد الإجابة عن هذه التساؤلات المفصلية، ومن أجل الانفتاح على موافق فلسفية تعطي إبعاد أخرى للإشكال نستحضر الموقف الذي تبنته الفلسفة التجريبية بشكل عام وفلسفة جون لوك J.Locke بشكل خاص. فإذا كان "جون لوك" J.Locke لا يختلف مع ديكارت في دلالة لفظ الشخص، فإن الاختلاف والتباين بينهما سيبدو واضحا وجليا من حيث المبدأ الذي يساهم في تبلور وعي الأنا وعليه تقوم هوية الشخص. فالأساس الذي تقوم عليه هوية الشخص عند جون لوك هو وحدة الشعور والذاكرة، فوعي الشخص بذاته وبوجوده يتحقق من خلال الإدراك الحسي التي تربط الشخص (الذات) بواقعه الحسي التجريبي، بالإضافة إلى عنصر الذاكرة التي تضفي على هوية الشخص طابع التطابق والاستمرارية في الزمان؛ فالإنسان يولد وعقله خال تماما من أية أفكار فطرية، إذ يكون عبارة عن صفحة بيضاء قبل أن تكتبها الحواس. يقول جون لوك: "إن العقل البشري أشبه بصفحة بيضاء، وكل ما لدينا من أفكار مصدره التجربة الحسية".
(التركيب)
في الختام، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأننا من خلال هذه المقاربة الجزئية قد نكون غطينا الأبعاد الإشكالية والمعرفية لقضية الهوية داخل المجال الفلسفي، لأنه واحد من أهم القضايا الفلسفية والإشكالية المعاصرة، لكن مقاربتنا انصبت على وجهتي نظر ميزتا حقبة مهمة من تاريخ الفلسفي والإنساني وهي المرحلة الحديثة، وما رافقها من "أنوار" فتطرقنا خلال العرض إلى موقف العقلانية التي قدمها الفيلسوف الفرنسي ديكارت والتي تؤسس الهوية على عنصر الفكر، والتجريبية التي يبقى من ابرز روادها الفيلسوف الانجليزي جون لوك الذي ركز في أطروحته على علاقة الشخص بواقعه الحسي عبر وساطة الحواس وأهمية الذاكرة. وهذا ما يضعنا أمام رهان فلسفي أنطولوجي يكشف جانب مهم من جوانب وأبعاد الوجود الإنساني الفريد والمتميز.