تحليل قصيدة سفر أحمد عبد المعطي حجازي رحاب اللغة العربية- السنة الثانيةباك تحضير نص سفر أحمد
ملخص السنة الثانية بكالوريا
تحضير وشرح نص سفر. لأحمد عبد المعطي حجازي
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع الحل المفيد الموقع الإلكتروني التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة كما نقدم لكم اجوبة مختصرة على أسالتكم المتنوعة من المناهج الدراسية والعلوم الثقافية والتاريخية والاخبارية باجابة مفيدة كما ننشر لكم أعزائي الطلاب في صفحة موقع( الحل المفيد alhlmfid.com) ملخص أهم الدروس وحلول الواجبات والمراجعات لجميع المواد الدراسية للفصل الدراسي الأول والثاني المنهج الجديد كما نقدم لكم إجابة السؤال التالي....تحليل قصيدة "سفر" أحمد عبد المعطي حجازي (ضمن مقرر في رحاب اللغة العربية- السنة الثانيةباك
الحل هو
المكون: نص قرائي/ شعري
الموضوع: سفر. لأحمد عبد المعطي حجازي
المرجع: الكتاب المدرسي "في رحاب اللغة العربية"
▪تقديم
لقد أثمر شعر تكسير البنية خطابا جديدا في الشعر العربي الحديث اصطلح عليه بشعر "تجديد الرؤيا" هذا الشعر أعاد تشكيل الواقع من جديد عبر الرمز والأسطورة، وقام بتفجير اللغة الشعرية حتى تعبر عن الواقع الجديد الذي كان يعيشه الشاعر الحديث، وقد عمِل شعراء هذا الاتجاه على التطلع إلى عالم جديد من خلال استشراف المستقبل المحلوم به، وهذا ما جعل هذا الشعر متفردا ومتميزا لكونه كان يتغيا التعبير عن واقع غير مألوف بلغة غير مألوفة تقوم على الهدم والخرق والانتهاك لإعادة البناء والتشكيل من جديد، وقد برع في هذا التيار الشعري المحدث شعراء كثر نذكر منهم "السياب" و"البياتي" و"أدونيس" و"أمل دنقل" و"أحمد عبد المعطي حجازي" الذي يعد من رواد قصيدة الرؤيا، وممن التزم بالدفاع عن حق الإنسان العربي في الحياة والحرية، وقد جسدت دواوينه المختلفة هذه النزعة الفكرية كديوانه "كائنات مملكة الليل" الذي أخذ منه هذا النص "سفر"، فما الدلالة التي يوحي بها عنوانه؟ وما الرؤيا الشعرية التي يحيل عليها النص في شموليته؟ ثم ما الآليات الفنية والوسائل الأسلوبية التي اعتمدها الشاعر في عرض مادته الشعرية..؟ وإلى أي حد استطاع أن يتمثل خصائص شعر تجديد الرؤيا على مستوى الشكل والمضمون معا..؟
سفر. لأحمد عبد المعطي حجازي
▪الملاحظة
جاء العنوان "سفر" لفظا مفردا نكرة وفي هذا دلالة على إيحاءات لا متناهية، فالسفر كما هو معلوم رحلة في المكان تفترض نقطة انطلاق ونقطة وصول من وإلى وجهة معينة؛ وكذلك رحلة في الزمان تحيل على تجربة الوجود الفردي والجماعي للإنسان منذ الولادة إلى الممات، بمعنى آخر، إن السفر هو حركة مجالية وجغرافية قد تتم واقعيا أو خياليا، ينتقل فيها المسافر إلى أمكنة وأزمنة وهمية أو ممكنة، من هنا نتساءل فنقول: ما رؤيا الشاعر للسفر في هذا النص..؟ وكيف يراه..؟
وانطلاقا من العنوان ودلالته، والشكل الطباعي للنص القائم على نظام الأسطر والمقاطع الشعرية المتفاوتة، فضلا عن بعض الألفاظ الدالة مثل "بيننا" "القمر" "السفر" "الحجر" نفترض أننا أمام نص شعري حديث، ينتمي إلى خطاب تجديد الرؤيا، سيخاطب فيه الشاعر وطنه وهو في حالة حزن واغتراب، فإلى أي حد ستصح هذه الفرضية..؟
▪الفهم
- الوحدات الدلالية:
+ الوحدة الأولى (1 -- 6) يكشف فيها الشاعر عن تواجد تباعد بينه وبين مخاطبه "الوطن" وما طرأ فيه من تحولات انعكس أثرها السلبي على بعض عناصره الطبيعية.
+ الوحدة الثانية (7 --11) شكلت أسطرها محطة لتساؤلات الشاعر عن زمن السفر الذي التبس عليه وأصبح مجهولا ومبهما في ظل تأمله للواقع الذي أمسى يتسم بالإغتراب والضياع.
+ الوحدة الثالثة (12 -- 29) خصصها الشاعر لتصوير واقع المدينة المأساوي، ولرصد أهم ما يميزها فضلا عن ما يربطها بما يوجد في هامشها، معتبرا إياها اماكن للعبور فقط لغياب الحس الإنساني فيها، وهذا ما صعب من اندماج الشاعر في وطنه وجعله في حالة تقابل معه.
+ الوحدة الرابعة( 30 -- 31) أنهى بها الشاعر قصيدته وجعلها تتسم بالتحسر والتأسف الذي أبداه على الجمال الذي ظل محتفظا بالصبا وباختفائه خلف الحجر.
==》 بتأمل مضامين هذا النص الشعري، وبإمعان النظر في أبعاده الدلالية، يمكننا القول بأن الشاعر حاول في هذا النص أن يكشف لنا عن رؤياه الخاصة حول المدينة والمكان والوطن والجمال، رؤيا ترى أن الإنسان يظل عبر رحلة الحياة الطويلة يبحث عن الجمال - زمانيا ومكانيا - لاهتا وراءه ومتلهفا إليه، وحين يصل إلى آخر العمر يكتشف أن ما كان يبحث عنه قد خلّفه وراءه، وأن الجمال خالد يحتفظ بصباه أبديا، بينما الإنسان يكبر ويشيخ.
تحليل نص سفر. لأحمد عبد المعطي حجازي
▪التحليل
- دراسة المعجم
يتشكل جسد النص من حزمة ألفاظٍ دالة، يتوزع معظمها على الحقول الدلالية الآتية:
+ حقل السفر: مسافات - سفر - العبور - متسع - المرور...
+ حقل الطبيعة: الشجر - بحر - القمر - سهل - مطر - رذاذ - خشب - الرياح...
+ حقل المكان: السهل - البحر - مدن - أرصفة - المقابر - البيوت...
==》 استنادا إلى محمولات ألفاظ الحقول الدلالية أعلاه يتبين لنا أن السفر يشكل في هذا النص محور الأزمة النفسية والوجودية التي كان يعيشها الشاعر في وطنه بسبب إحساسه بالاغتراب، وأن الطبيعة تمثل حنين الشاعر للحياة الريفية التي تغذي مخيلته، في حين تبقى الأمكنة حلقة وصل بين عناصر الصراع التي كانت تتجاذبه.
أما العلاقة الموجودة بين هذه الحقول فهي علاقة ترابط وتكامل، لكونها تعكس جميعها نفسية الشاعر وإحساسه الكبير بالغربة والضياع، فسفر الشاعر تم عبر الزمان والمكان وفي صلة بالطبيعة خاصة ما يرتبط منها بالمدينة وهوامشها.
- بنية الأفعال
إذا كان معجم النص قد عكس طبيعة تفاعل الشاعر مع مكان السفر وزمانه، فان طبيعة الأفعال التي وظفها الشاعر ساهمت في الكشف عن رؤياه الخاصة، وذلك من خلال الحركة التي تولدت خاصة من الفعل المضارع الذي هيمن على ما سواه، فالشاعر هنا يقدم تجربته الشعورية إبّان وقوعها داخل وجدانه، مروية على لسانه، ومن هذه الأفعال نذكر: يتوغل - تتوارى - ينقص - يتجسد...
- بنية الأسلوب
زاوجَ الشاعر في نصه بين الأسلوبين الانشائي والخبري، حيث استعان بالأول للتعبير عن انفعالاته النفسية وخاصة بالاستفهام الذي وظفه ليعكس به حيرته الوجودية ويعمق به إحساسه بالغربة رغم تواجده في وطنه وبين أهله وذويه، ومن أمثلته ما ورد في المقطع الثاني في قوله: ( أفي الليل أم في النهار ترى كان هذا السفر )
فقد أشَّر الشاعر بهذا الأسلوب على حالة القلق التي كان يعيشها، وزاد من حدتها بالنداء الذي ختم به نصه حين قال:( يأيها الجمال.. أيهذا الجمال.. )
فالشاعر بهذا النداء يُظهر لنا بأن الجمال يظل فتيا وأنه لا ينكشف إلا لمن استطاع أن يتجاوز معاناته ويتغلب عليها، لكن يبقى الأسلوب الخبري هو المهيمن في هذا النص الشعري تماشيا مع رغبة الشاعر في التعبير عن رؤياه الشعرية وإشراك المتلقي فيها عبر التركيز على مجموعة من التفاصيل التي تعكس علاقة الشاعر بالزمان والمكان اللذين كان يتواجد فيهما.. ومن أمثلته نذكر ما يلي (...)
- الصور الشعرية
تعد الصور الفنية في القصيدة الحديثة جزءا لا يتجزأ من بنيتها الشكلية، وهي تتشكل بالأساس من لغة جديدة تتميز بطابعها الشعري الذي ينبني على الخرق والانتهاك لما هو مألوف ومتعارف عليه بغية خلق تراكيب جديدة تتضمن معانٍ جديدة توحي بدلالات حديثة تُحدث توترا يثير دهشة المتلقي ويدفعه الى المشاركة في بناء المعنى واستكشاف أبعاده..
وبالعودة الى النص سنجد أن الشاعر عبد المعطي حجازي استثمر اللغة التي عبر بها عما كان يشعر به وما كان يدور بخلده لحظة الإبداع بطريقة جديدة ألَّف بها صورة كلية تدرج في بنائها عبر أسطر النص، لينقل بها حالة إنسان مسافر، يعيش في سفره قلقا وحيرة واغترابا ذاتيا، وقد توارت الصورة الشعرية الجزئية بين أسطر القصيدة وتكاثفت في شكل صورة كلية جمع فيها الشاعر بين ما هو بلاغي تقليدي كالتشبيه (... مثل نافورة) والاستعارة (نافورة سكتت) (ينقص وجه القمر) وما هو حداثي توليدي كالرمز ( النهار - السفر - المدن - القرى..) وقد عرضت لنا هذه الصورة في كليتها رؤيا الذات الشاعرة لمفهوم السفر بطريقة فنية عكست لنا رغبة الشاعر الجديد في استحداث خصوصيات إضافية تميز ما هو حديث وجديد عما هو قديم وتراثي، وهذا كله أضفى على النص طابعا جماليا وبعدا تأثيريا تحت مسمى الانزياح..
- البنية الإيقاعية
اذا كانت الصورة الشعرية قد اتسمت مكوناتها بالتوليد والتجديد وفق نظام الرؤيا الشعرية، فإن الايقاع الشعري بدوره قد اتخذ المسار نفسه، حيث صاغ الشاعر القصيدة في قالب شعري متفرد، تميز بتوظيف عناصر ايقاعية اتصفت بحضور التكرار بمختلف انواعه (...) وكذلك الننغيم الناتج عن توظيف بعض الأساليب الانشائية ذات الطابع الموسيقي، إلى جانب حروف المد (...) فضلا عن التوازي خاصة الصوتي منه والذي نلمسه في السطرين الأخيرين في القصيدة (...)
أما على مستوى الايقاع الخارجي، فقد تمظهر في انصراف الشاعر الى تكسير البنية العروضية التقليدية، فالقصيدة غير جارية على البناء العروضي الخليلي الذي كانت تبنى عليه القصائد القديمة، وقد استعمل الشاعر بحر المتدارك " فاعلن " لكنه وزع تفاعيله بطريقة جديدة تتماشى مع دفقاته الشعورية مع تنويعه في القافية والروي..
تركيب نص سفر. لأحمد عبد المعطي حجازي
▪التركيب
ختاما نخلص إلى القول إن الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي استطاع في هذا النص الشعري المتفرد أن ينقل لنا تجربته الوجودية التي كان يعيشها لحظة إبداعه لهذه القصيدة، متجاوزا في تعبيره عنها مستوى الرؤية الأفقية التي تتناول الأشياء في بُعدها الحسي إلى مستوى الرؤيا الاستشرافية التي تحتفي بكل ما هو قادم وممكن مما ليس معتادا أو مألوفا، مؤكدا بهذا على أن القصيدة الحديثة لم تعد تكتفي بتكسير الشكل المتوارث وتجاوز المضمون التقليدي فحسب، بل صارت تسعى إلى تجديد رؤياها وطريقة نظرها للموجودات.. وقد وظف الشاعر لهذا الغرض مجموعة من الآليات الفنية والوسائل الأسلوبية في مقدمتها معجم خاص تخللته ألفاظ وعبارات اتسمت بطابعها الرمزي، إلى جانب بنية أسلوبية جمع فيها بين ما هو خبري وما هو إنشائي وأخرى فنية تميزت باستثمارها الجديد للغة من خلال الاعتماد عن أسلوب الخرق والانتهاك، مع بنية إيقاعية قامت على وحدة التفعيلة وكذا التنويع في القافية والروي.. وبهذا نصل إلى التأكيد على صحة الفرضية التي طرحناها في مستهل دراستنا لهذا النص وذلك بانتمائه إلى خطاب تجديد الرؤيا في الشعر العربي الحديث وبحديث الشاعر فيه عن رؤياه الخاصة للسفر.